فى تقرير للبنك الدولى: مصر تواصل الإصلاحات لمواجهة التحديات طويلة المدى
كتب: إيهاب جنيدى
قال تقرير صادر عن البنك الدولى عن حالة الإقتصاد المصرى ..
أن الصدمات الاقتصادية التي شهدتها مصر في الفترة الأخيرة دفعتها لمواصلة الإصلاحات لمواجهة التحديات طويلة المدى، وتعزيز دور الدولة في تهيئة المناخ الداعم للنشاط الاقتصادي الذي يقوده القطاع الخاص. وأدت التطورات التي شهدتها الأسواق المالية العالمية، في ظل ارتفاع أسعار الفائدة في أسواق الاقتصادات المتقدمة، والصراعات الجيوسياسية التي احتدمت في الآونة الأخيرة، إلى خروج واسع النطاق لرؤوس الأموال من الأسواق الناشئة، الأكثر تأثرا بالصدمات، وقد لحقت بمصر أضرار بالغة من جراء ذلك.وفي إطار التصدي لهذه الصدمات، اتخذت مصر تدابير لضبط الأوضاع على مستوى سعر الصرف، وعلى المستويين النقدي والمالي، للحد من نزيف الاحتياطي النقدي، واحتواء الضغوط التضخمية، والتخفيف من الآثار الاجتماعية. ففي 21 مارس 2022، خفض البنك المركزي المصري سعر الصرف بنسبة 16%، وتلا ذلك حدوث تقلبات تدريجية. وبالتوازي مع ذلك، رفع البنك المركزي أسعار الفائدة الأساسية، من أجل كبح الضغوط التضخمية، وتثبيت التوقعات. وفي الوقت نفسه، أعلنت السلطات عن سلسلة من الحزم الرامية إلى تخفيف الآثار الاجتماعية، وتهدف إلى المساعدة في التخفيف من أثر ارتفاع الأسعار. ويتضمن ذلك عدة تدابير؛ منها التوسع السريع في نطاق تغطية برنامج شبكات الأمان الاجتماعي “تكافل وكرامة”، والزيادات في المعاشات وأجور العاملين في القطاع العام، وتدابير الاعفاء الضريبي، وزيادة المساعدات النقدية الاستثنائية الموجهة، وذلك بالإضافة إلى عدة إجراءات.وكانت مصر قد تأثرت كثيرا بتداعيات ضبط أوضاع الاقتصاد الكلي، والسياسات المالية الأخيرة، وهو ما طال أيضاً القطاع الخاص في البلاد. وأدى الارتفاع الحاد في معدل التضخم السنوي العام في المناطق الحضرية، الذي وصل إلى 21.3% على أساس سنوي، في ديسمبر 2022، بالإضافة إلى انخفاض أسعار الصرف منذ مارس 2022 (الذي سيكون له تأثير إيجابي على قطاعات التبادل التجاري)، إلى ارتفاع كبير في تكلفة المستلزمات المحلية والمستوردة على المدى القصير. وأدت الصعوبات في الحصول على العملات الأجنبية، إلى جانب زيادة متطلبات الاستيراد وحظر استيراد بعض المواد، إلى معاناة القطاع الخاص، في الحصول على المواد الخام اللازمة للإنتاج. وبالإضافة إلى ذلك، يتحمل القطاع الخاص في الوقت الراهن، تكلفة تمويل أعلى، بسبب تشديد السياسات النقدية على الصعيدين المحلي والعالمي، ومن المرجح أن يؤدي ارتفاع احتياجات الاقتراض العام، إلى مزاحمة الإقراض المتاح للقطاع الخاص. كما يعاني القطاع الخاص من تراجع مستويات الاستهلاك، حيث يؤدي التضخم إلى إضعاف القوة الشرائية للأسر. وانعكاسا للطبيعة القائمة لهذا التحدي، تراجع النشاط في القطاع الخاص غير البترولي في مصر باطراد، حيث واصل التضخم التأثير على الطلب، وذلك وفقا لاستقصاء مؤشر مديري المشتريات العالمي الخاص بشركة ستاندرد آند بورز. وفي المرحلة المقبلة، من شأن التحسينات في السياسات، وتحسن درجة اليقين في أوضاع الاقتصاد الكلي، أن تدعما قرارات الاستثمار.وتوصلت السلطات المصرية وصندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022، إلى اتفاق على مستوى الخبراء، مدته 46 شهراً، في إطار التسهيل الائتماني الممدد. ومن المتوقع أن يؤدي هذا التسهيل الممدد إلى استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، وتدعيم تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وسيقدم تمويلا بقيمة 3 مليارات دولار، ويحدد تمويلا محتملا بقيمة مليار دولار، من صندوق المرونة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي. ومن المتوقع تقديم تمويل إضافي بقيمة 5 مليارات دولار من خلال حزمة متعددة السنوات، من الدعم الإقليمي والدولي، بما في ذلك من البنك الدولي. كما تتوقع تمويلا إضافيا بقيمة 5 مليارات دولار من خلال حزمة على مدار عدة سنوات، من الدعم الإقليمي والدولي، بما في ذلك البنك الدولي.وفي المرحلة المقبلة، سيكون تحسين قدرة الاقتصاد الكلي على الصمود، ودفع الإصلاحات الهيكلية قُدماً، لتهيئة بيئة ملائمة لتنمية القطاع الخاص، من الأمور الأساسية لمساندة التعافي المستدام. وإلى جانب الاستجابات الفورية على صعيد السياسات، يمكن تنفيذ مجموعة من الإصلاحات، لتدعيم القدرة على الصمود في وجه الصدمات الخارجية. ويمكن أن يؤدي التحول في نموذج النمو الاقتصادي في مصر، إلى تحقيق نمو أكثر ديناميكية بقيادة القطاع الخاص، يمكنه تقوية علاقاتها المالية مع بلدان العالم. وسيكون التصدي للمعوقات المتعلقة بالمنافسة، ونقص المهارات، وعدم جاذبية بيئة الأعمال، وأوجه القصور في نظم الحوكمة وسيادة القانون، أمراً بالغ الأهمية لتحقيق هذا الهدف، وهو ما ينطبق أيضاً على الحاجة إلى زيادة الحيز المالي المتاح، ورفع كفاءة المالية العامة. وستشكل زيادة مشاركة النساء في القوى العاملة أيضا أحد المسارات المهمة للتعافي.ومن المتوقع أن تتضرر بيئة الاقتصاد الكلي في مصر خلال السنوات المالية 2022/2023-2024، من جراء الصدمات العالمية المتزامنة، قبل أن تبدأ في التحسُّن في الأمد المتوسط، مع استمرار البلاد في المضي نحو تنفيذ إصلاحات لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي، والاصلاحات الهيكلية. ولا يزال إيجاد الحيز المالي أمراً بالغ الأهمية للنهوض برأس المال البشري والمادي للشعب المصري، الذي تجاوز عدد أفراده 104 ملايين نسمة. والأهم من ذلك أن مواصلة الإصلاحات (بما في ذلك تعزيز السياسة التجارية وتيسيرها، فضلاً عن تحسين بيئة الأعمال الأوسع نطاقاً) من شأنها أن تطلق العنان لإمكانات القطاع الخاص في الأنشطة ذات القيمة المضافة الأعلى، والأنشطة الموجهة نحو التصدير.