بقلم : د.محمد العدوى
عندما تقف فوق قلعة الجبل وتنظر يسارا باتجاه الجنوب سوف ترى عددا كبيرا من المساجد والقباب متنوعة الاشكال والاحجام .. لكن واحدا منها سوف يخطف الابصار وهو يظهر مميزا واضحا باللون الذهبي اللامع تحت اشعة الشمس .. ذلك هو مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها ..
وقد اقيم المسجد مكان منزل والي مصر من قبل العباسيين السري بن الحكم والذي استضاف فيه السيدة نفيسة العلم بنت الحسن الانور بن زيد الابلج بن الامام الحسن السبط .. وكانت تستقبل فيه المصريين يومين من كل اسبوع للاستماع الى دروسها فلما توفيت ودفنت بالمنزل تحول الى مدرسة ومزار ..
وتكمن الاهمية التاريخية للمسجد في كونه جزء من مدينة العسكر التاريخية عاصمة العباسيين والتي بناها الوالي صالح بن علي بن عبد الله بن العباس لتكون مقرا لحكمه حيث راى عدم مزاحمة سكان الفسطاط في دورهم فقرر البناء في الصحراء في المنطقة التي عرفت يومها باسم الحمراء القصوى ..
ويجاور المسجد من ناحية القرافة اضرحة عدد من الخلفاء العباسيين الذين استقروا بمصر بعد سقوط بغداد حيث تم تنصيبهم في القاهرة وتمتعوا بسلطة رمزية تشبه النظام الملكي البريطاني بينما المماليك هم الحكام الفعليون .. وقد منحوا وقتها حق الاشراف على المسجد في اشارة رمزية لعاصمتهم القديمة ..
وشهدت مصر قرابة عشرين خليفة عباسي اولهم الامام احمد المستنصر بالله الذي استقبله بيبرس و اكرمه واعلن خلافته في احتفال ضخم واخرهم المستمسك بالله ابو الصبر يعقوب الذي اجبر على التنازل عن الخلافة لصالح سليم الاول العثماني بعد هزيمة المماليك في مرج دابق ..
وكانت المنطقة تحوي مقر اقامة الخلفاء العباسيين طوال عصر المماليك البحرية والشراكسة الذين اقروا بسلطتهم الروحية ولم ينازعوهم فيها .. وكانت منطقة المسجد قديما تعرف باسم درب السباع وتقع على اطراف مدينة العسكر باتجاه القرافة وهي الان جزء من حي الخليفة بمحافظة القاهرة ..