آلاف السودانيين يسلكون طريق النزوح من جديد مع امتداد الحرب
أسفرت الحرب في السودان عن سقوط أكثر من 12 ألف قتيل حتى مطلع ديسمبر (كانون الأول) وفقاً لحصيلة بالغة التحفظ لمنظمة متخصصة في إحصاء ضحايا النزاعات. كما أدت إلى نزوح 4.5 مليون شخص داخل البلاد، في حين لجأ أكثر من 1.4 مليون إلى الدول المجاورة.
ومع امتداد القتال إلى ود مدني، عادت إلى أذهان النازحين من الخرطوم، الأوضاع التي عاشوها في العاصمة ودفعتهم إلى الفرار منها.
وفي حين كان القتال دائراً بين الطرفين والطائرات الحربية تعبر السماء، أُغلقت المحلات التجارية خوفاً من النهب، وبدأت العائلات تبحث عن وسيلة لحماية النساء والفتيات؛ خشية وقوع اعتداءات جنسية، تبادل الطرفان الاتهامات بارتكابها منذ اندلاع الحرب.
ومع تقدم قوات «الدعم السريع» داخل المدينة، أصبح العثور على وسيلة انتقال أمراً شبه مستحيل. عمر حسين (65 عاماً) قرر النزوح من ود مدني مع عائلته، حاملين معهم قليلاً من الأمتعة، ولكنهم اضطروا للسير 10 كيلومترات إلى أن وجدوا سائقاً على استعداد لنقلهم.
وقال حسين لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إننا نحاول الوصول إلى القضارف»، على بعد 240 كيلومتراً إلى الشرق «حيث يوجد أقارب لنا يمكننا أن نقيم معهم». ولكن مع مئات الآلاف من النازحين، فإن «الوضع الإنساني بالغ الصعوبة» في القضارف كما في سنار، حسب ما قال (الثلاثاء) المسؤول في وكالة الأمم المتحدة للاجئين وليام سبندلر، محذراً من «تفاقم أزمة النزوح القسري».
وقالت الأمم المتحدة، إن النظام الصحي في السودان على حافة الانهيار مع خروج 70 في المائة من المستشفيات عن الخدمة في مناطق القتال و«اكتظاظ المراكز الصحية، في المناطق التي لم يمتد إليها القتال، بالنازحين». وتعاني القضارف بالفعل من أوبئة، من بينها الكوليرا وحمى الضنك.
وكان قائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) أصدر (الثلاثاء)، بياناً أعلن فيه «تحرير» ود مدني من «فلول النظام القديم في يوم عظيم وخالد، صادف ذكرى انطلاق ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 المجيدة». في ذلك اليوم انطلقت مظاهرات جماهيرية واسعة أدت، بعد 4 أشهر، إلى سقوط الديكتاتور السابق عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019.
وتم الاتفاق على فترة انتقالية تمهيداً لإرساء «حكم ديمقراطي»، غير أن هذه العملية توقفت عندما قاد البرهان ودقلو معاً انقلاباً عسكرياً، وسيطرا على السلطة، مزيحين المدنيين منها، إلا أن الرجلين خاضا بعد ذلك صراعاً على السلطة بعد أن اتهم دقلو، البرهان ومعاونيه «بالسعي لإعادة النظام القديم».
وبعد 5 سنوات من اندلاع مظاهراتهم من أجل حكم ديمقراطي، مازال المدنيون يدفعون الثمن الأكبر في السودان… وفي بيان بهذه المناسبة، عدّ السفير الأميركي لدى السودان جون غودفري، أن «النزاع لم يقضِ على تطلعات (المدنيين) للعودة إلى حكومة مدنية تقود انتقالاً ديمقراطياً في السودان».