أطباء بلا حدود تدعو إلى التراجع عن الحظر الجراحي في الخرطوم .. يعرّض مئات السكان للخطر
ويمنع حظرٌ نقل الإمدادات الجراحية المنقذة للحياة إلى مستشفيات في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع في الخرطوم، ما يعرّض مئات السكان بمن فيهم نساء وأطفال للخطر.. ودعت المنظمة الدولية الطبية والإنسانية أطباء بلا حدود إلى التراجع عن الحظر بشكل فوري.
وفي هذا الصدد، تشرح رئيسة أطباء بلا حدود لشؤون الطوارئ في السودان، كلير نيكوليه:
يعدّ الحظر تكتيكًا وحشيًا ويُرَجَّح أن يتسبب في إزهاق مئات الأرواح التي يمكن إنقاذها في الخرطوم خلال الأسابيع التالية. ثلثا العمليات الجراحية التي نجريها في المستشفى التركي هي عمليات ولادة قيصرية. وخلال الشهرين الماضيين فقط، أجرينا 170 عملية جراحية من هذا النوع، علمًا أن الكثير من النساء وأطفالهنّ حديثي الولادة كانوا لقضوا من دونها. لم يكن أمام النساء اللواتي يوشكن على الولادة ويحتجن إلى عمليات قيصرية إلا قلة من الخيارات في الخرطوم أساسًا. وفي حال لم يُسمح لنا بجلب الإمدادات الجراحية إلى المستشفى، ستنعدم جميع الخيارات أمامهن”.
عندما يتعلق الأمر بجرحى الحرب، فإن أطباء بلا حدود توفر العلاج على أساس الحاجة الطبية فقط.. يتعارض مع الأخلاقيات الطبية رفض إعطاء العلاج المنقذ للحياة لأي شخص، بغضّ النظر عن إذا ما كان يقاتل أو مجرّد وقع في مرمى النيران.
في العاشر من سبتمبر/أيلول، أوقع القصف على سوق قورو 103 ضحايا، قُتل 43 شخصًا منهم وعولج 60 آخرين من بينهم نساء وأطفال في مستشفى بشائر التعليمي. إلا أن أطباء بلا حدود اضطرت إلى وقف إجراء العمليات الجراحية في هذا المرفق في شهر أكتوبر/تشرين الأول بسبب الحظر، ما يجعل المستشفى التركي واحدًا من مرافق جنوب الخرطوم الوحيدة التي فيها غرفة العمليات تعمل بكامل طاقتها. وعقب حادثتَي الإصابات الجماعية في 12 و13 نوفمبر/تشرين الثاني، أدخلت أطباء بلا حدود 128 مصابًا إلى غرفة طوارئ المستشفى التركي. أُجريت عدة عمليات جراحية بينما ينتظر العديد من المرضى الدخول إلى غرفة العمليات. وفي أعقاب ذلك، لم يعد يتوفر في المستشفى إمدادات كافية لحتى شهر واحد.
وفي حال لم تتمكن أطباء بلا حدود من جلب المزيد من الإمدادات، سيتوقف العمل في غرفة عمليات المستشفى التركي أيضًا. سيؤدي ذلك من دون شك إلى ازدياد الخسائر البشرية الناجمة عن الحرب، فالنساء والأطفال والرجال الذين يحتاجون إلى عمليات جراحية منقذة للحياة لن يتمكنوا من الحصول على العلاج.
ومما يزيد الوضع خطورة هو عدم اقتصار الحظر على نقل الإمدادات فقط، إذ تُرفَض أيضًا طلبات تصاريح التنقل للعاملين في المجال الإنساني، ومنهم العاملون في المجال الطبي. وفي حين لم تتلقّ أطباء بلا حدود أي إعلان من السلطات يتعلق بهذه المسألة، لم يتمكّن أي عضو واحد من الكوادر الطبية، سوداني أو أجنبي، من الحصول على تصريح تنقل في جنوب الخرطوم منذ أكتوبر/تشرين الأول. على الرغم من التزام الجيش السوداني في محادثات جدة بالسماح لتسعين شاحنة مواد إغاثية الوصول إلى الخرطوم، لم تصل إلى اليوم أي منها كما ولا تزال تصريحات تنقل شاحنات أطباء بلا حدود محظورة.
وتتابع نيكوليه، “لدينا إمدادات وفريق عمل جاهز في ود مدني على بعد أقل من مئتي كيلومتر عن الخرطوم. ومع ذلك، يعمل الجيش السوداني على عرقلة تقديم الرعاية الطبية لسكان العاصمة. وفي حين أُبلغت العديد من إدارات الحكومة السودانية والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية المعنية بالأزمة السودانية بقرار الحظر هذا، لم تحرّك أي منها ساكنًا بعد. هذا القرار المجحف يترك النساء ليعانين أثناء المخاض كما يؤدي إلى موت بعضهنّ، ليكون ذلك جزءًا من الآثار الجانبية الشائنة للسياسة القاسية التي تقضي بأن ينزف المقاتلون الجرحى حتى الموت. إنه أمر شنيع ولا بد من التراجع عنه”.