بقلم : محمد العدوي
ليست مصادفة أن غالبية الآثار في مصر من كافة عهودها عبارة عن دور عبادة ومقابر .. من العصور الفرعونية الأهرام والكرنك ووادي الملوك والرمسيوم .. ومن الحقبة الرومانية القبطية السيرابيوم والجبانات والكنائس والأديرة .. ومن العصور الإسلامية المساجد والمدارس والأضرحة والخانقاوات .. حتى الآثار اليهودية الباقية أغلبها معابد ومقابر ..
في الجيزة وعلى طول الطريق من أبو رواش وحتى ميدوم تتناثر أهرام الدولة القديمة .. وفي الأقصر أكبر تجمع لمعابد ومقابر عصر الإمبراطورية .. وفي الإسكندرية آثار البطالمة والرومان .. وفي القاهرة القديمة تكفي نظرة واحدة من فوق قلعة الجبل حتى ندرك على الفور كيف تكون الآثار ناطقة بالتاريخ تحكي فصول الماضي وكأنه حي أمام أعيننا ..
لو وقفت على القلعة ونظرت باتجاه النيل سوف تجد أمامك هرم العمارة الإسلامية وهو جامع السلطان حسن ثم ترى عن يمينك ويسارك عواصم مصر الإسلامية كلها وقد رتبت زمنيا من الجنوب إلى الشمال .. الفسطاط حيث جامع عمرو بن العاص يجاور الكنيسة المعلقة .. وإلى الشرق منهما مرقد الإمامين الليث بن سعد والإمام الشافعي ..
سوف ترى مسجد السيدة نفيسة بمآذنه وقبابه الذهبية المميزة وخلفه مقابر الخلفاء العباسيين في البقعة التي كانت فيها مدينة العسكر ثم يجاورهم مسجد ابن طولون المميز بالمأذنة المدرجة الشهيرة والذي كان يتوسط مدينة القطائع عاصمة الطولونيين فوق جبل يشكر .. وفي خلفية المشهد مقابر القرافة الكبرى والصغرى حيث دفن الصحابة الأجلاء ..
وعلى مرمى البصر سوف تجد مشاهد آل البيت الذين استجاروا بمصر .. السيدة زينب والسيدة سكينة والسيدة رقية والسيدة عاتكة والسيدة عائشة بنت جعفر الصادق والسيدة فاطمة النبوية .. سوف تجد أيضا مقابر كل من عمر بن الفارض وابن عطاء الله السكندري وذي النون المصري والعز بن عبد السلام وابن حجر العسقلاني وجلال الدين السيوطي ..
في الناحية الأخرى سوف يجفل البصر ويخشع القلب من مرآي مآذن المتولي فوق باب زويلة وهي تجاور مآذن الأزهر والحسين ومن خلفهم مآذن بين القصرين حيث مساجد قلاوون وبيبرس وبرقوق وبرسباي والغوري وهي تجاور مسجد الصالح طلائع والجامع الأقمر وجامع الحاكم وقبة الصالح نجم الدين أيوب .. وكل واحد منها يحكي جزء من التاريخ .