علوم وتكنولوجيا

بولاق .. ميناء العاصمة

صوت المصريين - The voice of Egyptians

مقال

د/ محمد العدوى

في القرن العاشر الميلادي قرر الخليفة المعز لدين الله الفاطمي إنشاء مرسى على الشاطىء الغربي لنهر النيل في موضع متميز بين قريتي الدقي وبشتيل وأطلق عليها اسم منية بولاق وتعني (الميناء) وذلك لتكون مقابلة للقاهرة كما كانت الجيزة مقابلة للفسطاط ، وكان النيل في وقتها يجري في تلك المنطقة وتطل عليه هذه القرى جميعا ، وفي غضون سنوات قليلة عمرت المنطقة وصارت محطة للقادمين إلى القاهرة من الصعيد والمغرب وأفريقيا ..

وفي عهد الخليفة العزيز بالله الفاطمي نزل بالبلدة الشيخ أبو محمد يوسف بن عبد الله التكروري وصار ضريحه مقصدا للعامة خاصة وقد كانت البلدة مستقرا لأعداد هائلة من الأفارقة من التكرور (وهم السكان المسلمين في غرب أفريقيا من شعوب الفولاني والهوسا) ، وبمرور الوقت تغير اسم البلدة إلى بولاق الدكروري نسبة للشيخ وعمرت بالعديد من السواقي وذكرها الأسعد بن مماتي في قوانين الدواوين ضمن الأعمال الجيزية ..

وفي القرن الرابع عشر الميلادي قرر السلطان محمد بن قلاوون إنشاء مرسى على الشاطىء الشرقي للنيل بعد انحراف النهر باتجاه الغرب وظهور عدد من الجزر التي اتصلت باليابسة وأطلق عليها نفس الاسم (بولاق) حيث أنشأ فيها القصور والمتنزهات والبساتين ، وبمرور الوقت ازدهرت المنطقة وعمرت بالسكان ، وفي عهد السلطان برسباي صارت بولاق الميناء التجاري الأساسي للقاهرة ونشأت فيها عدد من الوكالات التجارية ..

وفي القرن الخامس عشر نزل بها الشيخ العارف بالله الحسين بن ابي علي المكي حفيد الحسن الأنور والذي عرف عند العامة بلقب (السلطان أبو العلا) حيث صارت زاويته مقصدا للعامة ثم قرر أحد التجار وهو الخواجه نور الدين علي بن محمد القنيش البرلسي بناء مسجد وضريح للشيخ صار بعد ذلك مقصدا للعامة وجدد بناؤه على يد السادة الوفائية ، وبسبب ذلك أطلق على المنطقة اسم بولاق أبو العلا تمييزا لها عن بولاق الدكروري الغربية ..

ومع التطور العمراني وتغيير مجرى النيل فقدت الأهمية البحرية والتجارية تدريجيا لكنها عمرت سكانيا و ازدحمت بالمباني ثم انتقلت القريتان إلى مصاف المدن و اندمجت كلتاهما بالحواضر الكبرى حيث تحولت بولاق الدكروري إلى جزء من محافظة الجيزة وتحولت بولاق أبو العلا إلى جزء من محافظة القاهرة ، ولا تزال المساجد القديمة موجودة حتى الآن سواء مسجد الدكروري أو السلطان أبو العلا تحكي هذا التاريخ ..

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button