الدكتور عصام عبد الصمد نائب رئيس إتحاد المصريين فى أروبا يكتب عن ذكرياته مع سعاد حسنى
الأخوة والأخوات
بعض من صفحات كتابي عن الفنانة سعاد حسني رحمة الله عليها بمناسبة قرب حلول ذكرى وفاتها
فصل من كتابي ( سعاد حسني ، بعيدا عن الوطن ، ذكريات وحكايات )
دواء التخسيس
كانت أمسية جميلة وكانت سعاد موجودة فيها وموجود بعض من الأصدقاء المقربين لي ولها أتذكر منهم العائلة السوريه سعد وشيناز ، وعائله قريبى إسلام وزوجته أحلام وكانت سعاد تطلق على إسلام لقب الزعيم ( موش عارف ليه مع أنه ولازعيم ولا حاجه حظوظ بقى ) ، وكان موجود أيضا الأخت العزيزه أسماء ، والأخ حسن بكر وزوجته سعاد ، وأيضا صديقى وحبيبي الدكتور محمد الترانيسى وهو من أعلام الطب فى تخصص العقم ( I V F )وهو يملك ويدير ويعمل فى أكبر مركز لعلاج أمراض العقم فى بريطانيا ، هذا المركز الذى يعتبر رقم واحد من حيث نتائجه هذا العام والأعوام السابقه وهذه النتائج صادره عن هيئه الإخصاب والأجنه البريطانيه ، وهى الهيئه الوحيده المسؤله عن تخصص العقم فى بريطانيا وأنا أتشرف برئاسه قسم التخدير به .
كنا نتعشى وبعد العشاء وكنا مازلنا جالسين على ترابيزة الطعام بدأنا السهرة بتأليف مسرحيه قصيره من فصل واحد وكنت أنا وسعاد نقوم بالتمثيل والإخراج فى آن واحد ، كانت المسرحيه تحكى عن أطفال البراميل ونظريه الأستوساخ ( وطبعا كنت أنا وسعاد نقصد أطفال الأنابيب ونظريه الإستنساخ ) ، كان الهدف من المسرحيه هو جرجره رجل محمد الترانيسى الذى مع أنه خفيف الظل إلا أنه يبدو دائماً هادىء الطباع إلى درجه الكسوف عندما يجلس بين مجموعه من الناس .
كانت المسرحيه جميله جداً وكان الجميع يضحك من كل قلبه ، بعد إنتهاء المسرحيه بدأت سعاد تشجعني علي القاء بعض النكات والتحدث عن مواقف ساخره حدثت لبعض الأصدقاء ، بدأت أحكى على موقف ساخر حدث الإسبوع الماضى لصديق لى وهو طبيب كبير السن وفى غايه الوقار والإحترام سافرت زوجته إلى شمال إنجلترا لزياره والدتها وبقى بمفرده فى لندن مع أولاده الثلاثه ، حضر من العمل كالعاده فى المساء وقالت له إبنته إحنا عايزين نتعشى فراخ محمره ( كنتاكى ) علشان موش عايزين نطبخ الليله وفعلاً ذهب إبنه لشراء الفراخ المحمره .
أحضر الأبن جردل فراخ ( كما يسمونه ) وجلس الاربعه للعشاء ، كان صديقى جائع جداً فأكل أربع قطع من الفراخ المحمره اللذيذه ، وفى نفس هذا اليوم وبالصدفه وصل صديقى بالبريد دواء من أدويه التخسيس يسمى (زينكال Xenical) فكرة الدواء أنه يبطيء من عمل الأنزيم المخصص لامتصاص الدهون ولذا يسمح بامتصاص 70% فقط من الدهون والباقى أى حوالى ثلث الكمية التى يتعاطاها الإنسان من دهون ينزل مع الإخراج .
بعد أن أكل صديقى هذه الأكله الدسمه قرر أخذ كبسوله من هذا الدواء ليجربه ولكن وبعد شويه تفكير قال أن كبسوله واحده موش كفايه أنا سآخذ كبسولتين .
ذهب إلى حجرة نومه للقراءه قبل النوم كعادته ، وبعد انتهائه من القراءة وجد جريدة الأهرام التي كان لم يقرأها بعد ، بدأ بالقراءة ، كان نائماً على ظهره ورافعاً رأسه بمخدتين وبينما هو مستغرق في القراءة وجد نفسه ينزلق إلى أسفل ، عدل نفسه وهو لا يعرف سبب هذه الظفلطة ، قال جايز عدد الاهرام هذا فيه حاجه غير عاديه ، حدث هذا ثلاثة مرات حتى تأكد أن الجريدة مظلومــــة في هذه الزحلقة ، قام من السرير ويالا الهول على رأي الاستـــــاذ ( يوسف وهبي) ؛ لقد وجد السرير كله مليء بالزيت ، ذهب على الفورً إلى الحمام الملحق بحجرة نومه وهو عمال يسرسب زيت حتى أنه جائت له فكرة الإنضمام إلى منظمة الأوبك الدولية لأن كمية الزيت الذي أنتجه في هذه الليلة أكثر مما تنتجه السعودية في أسبوع كامل، كنت مسترسلاً في الحكاية كالعادة ، والجميع يضحك ضحكاً هستيرياً ، ونظرت إلى سعاد فوجدتها تضحك والدموع تنساب على خديها من شدة الضحك ( الله يرحمك ياسعاد كانت ضحكتها أجمل ضحكة ) ، هذا شجعني على الاستمرار في الحديث ، أخذ صديقى حمام سريع ثم نظر إلى ملاءة السرير وارتابته خضة فظيعة ماذا يقول لأولاده في الصباح عندما يشاهدون سرير والدهم الذي يحترمونه طول عمرهم وعليه بقعة الزيت الكبيرة ، أخذ صديقى فى تغيير الملاءات وكل الفرش من على السرير وأخفاهم بعيداً . لم يضعهم في غرفة الغسيل وقرر ان يسلمهم باليد لزوجته عند رجوعها بالسلامه ويحلفها بأغلظ الأيمان أن لا تقول حرف واحد للأولاد وطبعاً زوجته أخذت تضحك مدة أسبوع على هذا الموضوع وطبعاً أخبرت أولاده وأولاد الجيران كمان.
كانت ليلة جميلة جداً كنا جميعاً نضحك من كل قلبنا لدرجة أن سعاد غيرت جلستها لأن فكها الأيمن بدأ يؤلمها من كثرة الضحك .
في نهاية السهرة أخذناها أنا وزوجتى فى سيارتنا لتوصيلها إلى منزلها وواصلنا الضحك والقفشات ، كانت سعاد تحب جداً هذه الجلسات المسائية الخفيفة وقد أمضت ليالي كثيرة في منزلي كتلك الليلة. وفي السيارة وعدتني سعاد بأنه عند رفتي من وظيفتي بأنها ستجد لي عمل في التمثيل لأنهم دائماً وأبداً محتاجين إلى كومبارس.
عند رجوعنا إلى المنزل وجدت رسالة على الفاكس تنتظرني في مكتبي ، أخذت الفاكس وقرأته فوجدته من الإنسانة الرقيقة سعاد وتبينت أنه عندما أوصلت سعاد إلى منزلها حوالي الساعة الثانية صباحاً لم تصعد إلى شقتها بل توقفت في حجرة حارس البناية الموجود فيها أجهزة التليفون المركزي وجهاز الفاكس وقامت بكتابة هذه الرسالة والتى أرسلتها لى عبر الفاكس .
هكذا كانت سعاد جميله من الخارج وأجمل من الداخل .