استمرار جهود الوساطة المصرية القطرية لإنهاء التوتر في غزة
بين غبار الحرب وضجيج التصريحات المتبادلة، تبقى غزة مسرحًا لمعادلة شديدة التعقيد، تتحرك فيها خيوط السياسة والأمن والإعلام في آنٍ واحد.
الحديث المتزايد في الإعلام الإسرائيلي عن اقتراب التوصل إلى هدنة، يتقاطع مع استمرار الضربات العسكرية على القطاع، ما يضع علامات استفهام كبرى حول جدية التهدئة.
وفي هذا السياق، تأتي قمة مصرية قطرية في الدوحة لبحث ملف غزة، في وقت يصف فيه بعض المحللين الجهود بأنها سباق مع الزمن لإعادة تشكيل الواقع في القطاع قبل الوصول لأي تسوية سياسية حقيقية.
رئيس تحرير صحيفة “الشروق” عماد الدين حسين قدّم رؤية تحليلية دقيقة تكشف أبعاد الصراع السياسي والإعلامي، ومخاوف من تحول التهدئة إلى مجرد محطة تكتيكية، لا أكثر.
تهدئة تحت القصف ورسائل متناقضة
رغم التصعيد المستمر في قطاع غزة، خرجت القناة الإسرائيلية الثالثة عشرة بتقرير يتحدث عن “فرص متزايدة” لإبرام صفقة جديدة بشأن الأسرى، مشيرة إلى “تقدم بطيء” في مفاوضات غير مباشرة مع حماس. إلا أن هذا التفاؤل يتعارض بوضوح مع تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الذي أعلن أن “نشاط الجيش سيتوسع قريبًا إلى مواقع إضافية في معظم أنحاء القطاع”، مشددًا على “إزالة حماس وإطلاق جميع الرهائن وإنهاء الحرب”.
من جهتها، أكدت حركة حماس، عبر القيادي باسم نعيم، أنها تتعامل بـ”مسؤولية عالية” مع المقترحات الجديدة، لكن بحذر من “تحويل المسار إلى صفقة تبادل أسرى فقط، ثم استئناف العدوان”.
دور القاهرة والدوحة: وساطة أم مواجهة مع الوقت؟
جاءت زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى قطر، كما أوضح المتحدث باسم الرئاسة المصرية، لبحث التطورات الإقليمية و”الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في غزة”.
لكن الزيارة في توقيتها تحمل أبعادًا أكثر عمقًا، خصوصًا في ظل حملة إعلامية إسرائيلية وصفتها بعض الأطراف بـ”قطر غيت”، هدفت فيما يبدو لإضعاف جبهة الوساطة المشتركة بين القاهرة والدوحة.
الكاتب عماد الدين حسين قال في حديثه لقناة “سكاي نيوز عربية” إن هذه الزيارة “تقول بوضوح إن ما أثير حول “قطر غيت” لم يعد قائمًا”، مشددًا على أهمية التنسيق بين مصر وقطر لمنع إسرائيل من “اللعب على الحبلين”، حيث تستخدم تل أبيب أوراقًا إعلامية للضغط على طرف عربي على حساب آخر.
وأشار حسين إلى أن إسرائيل تتقن هذه اللعبة: “كلما زاد التنسيق والوضوح بين الوسيطين المصري والقطري، قلّت فرص تل أبيب للنفاذ عبر أحد الأطراف”.
اليوم التالي… ما بعد التهدئة؟
ربما تكون صفقة الأسرى قيد التفاوض قابلة للتحقق، كما يرى حسين، لكن التحدي الأكبر يكمن في “ملامح اليوم التالي”. فالقضية ليست مجرد وقف لإطلاق النار، بل تتعلق بـ”من سيحكم غزة؟”، و”ما هو شكل الوجود الأمني الإسرائيلي في القطاع بعد الحرب؟”.
عماد الدين حسين يلفت الانتباه إلى أن إسرائيل “لا تريد الخروج من غزة كما دخلت”، بل تسعى لخلق واقع ميداني جديد يقطع أوصال القطاع ويجعل إدارته مستحيلة لأي سلطة فلسطينية لاحقًا، قائلًا: “إسرائيل عمليًا تخط أوصال غزة… وتخلق وقائع ميدانية تفصل رفح عن خان يونس وتمنع أي إدارة طبيعية للقطاع في المستقبل.”
هنا يظهر القلق الأكبر أن تكون التهدئة مجرد غطاء لإعادة تشكيل الجغرافيا السياسية والميدانية في القطاع، بما يجهض أي فرصة لحل دائم.
الولايات المتحدة والضغط المؤجل في الخلفية، تبقى الولايات المتحدة لاعبًا أساسيًا في معادلة التهدئة. عماد الدين حسين تحدث عن دور مرتقب للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائلًا: “ترامب لن يستطيع السماح باستمرار المجازر إلى ما لا نهاية… لديه أجندة كبرى في الخليج والصين، ويريد أن يأتي إلى المنطقة وفي يده ورقة وقف إطلاق النار.”
السيناريو المرجّح، كما يراه حسين، هو أن نتنياهو يحاول كسب الوقت وتحصيل أكبر مكاسب ميدانية قبل أن يأتي أمر “التوقف” من البيت الأبيض.
تهدئة غزة ليست قرارًا إسرائيليًا فقط، ولا ورقة تفاوض بيد حماس وحدها. هي نتاج توازنات معقدة، فيها ما هو سياسي، وما هو عسكري، وما هو إعلامي. مصر وقطر تحاولان الإمساك بخيوط المبادرة، بينما يتقن نتنياهو سياسة “التفاوض تحت القصف”.
الرهان، كما يشير عماد الدين حسين، ليس فقط على ما سيُعلَن في بيان وقف إطلاق النار، بل على ما ستُرسَم به خريطة غزة بعد “التهدئة”.
تابعونا لمزيد من التغطيات الحصرية والمحتوي المتنوع عبر أقسامنا المتجددة، حيث نقدم لكم أحدث أخبار وتقارير علي مدار الـ24 ساعة، وأحدث أخبار مصر و اقتصاد وبنوك وبورصة إلي جانب تغطية حصرية من خلال سفارات وجاليات ، وتغطية شاملة للتطوير العقاري من خلال قسم عقارات ونتشارك في الترويج للسياحة والآثار المصرية من خلال قسم سياحة وآثار ، إضافة لأخبار خاصة في قسم ثقافة وفنون و علوم وتكنولوجيا ومنوعات ، كما نولي اهتمام خاص بـ الرياضة و المرأة ونقدم لكم كل يهم التعليم والطلاب من خلال أخبار الجامعات .