ضيق مصري من “إم بي سي” يخفي غضبا سياسيا
القاهرة – لم تكن رسائل الضيق المصرية مما تقدمه قناة “إم بي سي – مصر” السعودية قاصرة على المحتوى الدرامي الذي تعرضه على شاشتها، حيث يمكن تفسيرها بأنها تتضمن غضبا سياسيا مكتوما، لأن القناة التي تبث من القاهرة اعتادت على تقديم مسلسلات وبرامج منذ سنوات في رمضان ولم تغير شيئا الموسم الحالي.
«المصري للدراسات»: ارتفاع مؤشر أداء الأعمال فى الربع الرابع من 2024
ومؤخرا أصبح المجال الفني الذي ترعاه هيئة الترفيه في المملكة العربية السعودية برئاسة تركي آل الشيخ مجالا خصبا لقياس درجة الحرارة السياسية بين القاهرة والرياض، فعندما تكون دافئة يزداد نشاط هيئة الترفيه مع مصر، وعندما يحدث انخفاض في الحرارة تظهر توترات لكنها بعيدة عن الاتهامات المباشرة.
يقول متابعون إن هناك تباينا في المواقف بين البلدين في بعض القضايا الإقليمية، ولأن العلاقة بينهما ذات طابع حيوي ويمكن تصويبها تتخذ الخلافات بينهما شكلا ضمنيا، يظهر في أحد المجالات الفرعية التي يكشف التغير فيها حجم الخلاف والمستوى الذي قد يصل إليه، والغضب المصري من الدراما التي عرضتها محطة “إم بي سي” السعودية ليس أكثر من أداة أو قناة لتمرير رسائل إلى الرياض.
وأعاد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نقد المحتوييْن الإعلامي والدرامي العامَّين، مساء السبت، بسبب تأثيرهما على ذوق المجتمع المصري، من دون أن يحدد الجهة المنتجة أو يشير إلى المحطة التلفزيونية التي تقوم بعرضهما.
وأشارت أصابع الاتهام إلى محطة “إم بي سي – مصر” التي قدمت مسلسلي “سيد الناس” و”إش إش”، وبرنامج “رامز أيلون مصر”، وبرودكاست مع حسن عسيري، وكلها إنتاج سعودي، وانطوت على مشاهد عنف وقدمت صورة سيئة عن المصريين.
وانبرى إعلاميون مصريون للدفاع عن الإنتاج الدرامي المحلي هذا العام، في إشارة تقول إن ما قصده الرئيس السيسي هو الإنتاج السعودي، وبدأت تتوالى الانتقادات لما تقدمه قناة “إم بي سي”، وفي جوهرها اتهامات بتعمد عرض ما يسيء للذوق العام في مصر، وتجاهل هؤلاء أن هذه المحطة تستعين في مسلسلاتها وبرامجها بعدد كبير من الفنانين المصريين ولم يكن الاستثناء حاليا سوى تغير الأجواء السياسية.
ووجه إعلاميان مصريان يعملان في “إم بي سي” السعودية اتهامات مبطنة إلى من تحدثوا عما تقدمه هذه المحطة واتهامها بأنها ضالعة في تقديم دراما سلبية وغير سوية.
وقاد ذلك إلى معركة كلامية بين عمرو أديب مقدم برنامج “الحكاية” على “إم بي سي” وشريف عامر مقدم برنامج “يحدث في مصر” في المحطة نفسها، من جهة، وبين إعلاميين ونشطاء مصريين، على خلفية توجه الحكومة للتدخل في المحتوى الدرامي، ودافع أديب وعامر بقوة عن القناة السعودية.
وأشار عمرو أديب إلى أن طريقة التخلص من المشكلة بإلقائها على طرف ثانٍ أو ثالث (إم بي سي) لن تحلها ولن تطور صناعة الدراما، مهددا بإمكانية أن تقوم هيئة الترفيه السعودية وموسم الرياض بسحب رعايتهما للمسلسلات المصرية.
وشارك شريف عامر بقوله “إذا كانت هناك مبالغة ما، فتصويبها يكون بالنقد أو الانصراف عنها، أما البحث أو التظاهر بالبحث عن المجتمع المعقم لا يقدم ولا يؤخر، فهذا مجرد استهلاك وهدر طاقة ووقت.”
وأوحى دخول إعلاميّين يعملان في “إم بي سي” على خط أزمة الذوق العام، التي تناقشها الحكومة المصرية بجدية، بأنه قد تم توجيههما من قبل الرياض لتوصيل رسائل تحذيرية لبعض الدوائر المعنية بإدارة المشهد الإعلامي في القاهرة.
وعبر الصمت الرسمي لإدارة شبكة “إم بي سي” عن عدم رغبتها في الدخول في خلاف مع دوائر حكومية مصرية بسبب اتهامات لم توجه إليها مباشرة، وفضّلت أن يقوم بعض مذيعيها بتوجيه رسائل نيابة عنها.
وهناك شبه اتفاق بين متابعين مصريين على أن الغضب من المحتوى المقدم على “إم بي سي” لا يعني أنهم راضون عما تقدمه القنوات المحلية في مصر.
وثمة تعاون بين الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية التي تمتلك معظم القنوات وشركات الإنتاج الفني في مصر، وبين مجموعة قنوات “إم بي سي” يشمل تطوير الإعلانات والشراكة في الإنتاج الدرامي مع حصول “إم بي سي” على حقوق استغلال وتوزيع مصنفات فنية من إنتاج الشركة المتحدة.
وطالت الاتهامات التي وجهها الرئيس السيسي للمحتوييْن الإعلامي والدرامي في مصر الشركة المتحدة التابعة لجهات حكومية في مصر، لأنها تحتكر غالبية القطاع الإنتاجي وتملك عددا من القنوات، وتتحكم في ما يظهر على الشاشات، كما أن شراكتها مع “إم بي سي” تضع على عاتقها مسؤولية بالنسبة إلى الإنتاج والتوزيع.
ويؤكد خبراء أن الأزمة مع “إم بي سي” سيتم وأدها سريعا عندما يظهر تحسن في العلاقات بين القاهرة والرياض ويتم احتواء أي خلاف سياسي طارئ بينهما، وأن محاولات بعض الوجوه الإعلامية لصب الزيت على النار يمكن أن تتبدد قريبا.
وقال الخبير الإعلامي والمنتج المصري عمرو قورة إن هجوم مذيعين من “إم بي سي” على توجهات الحكومة اشتباك على طريقة “من على رأسه بطحة”، لكن لن يفضي إلى أزمة كبيرة، وما يطلبه الرئيس السيسي مكلف ماديا لأن الإنتاج بغرض تحقيق أهداف اجتماعية وتوعوية لن يحقق مبيعات دون وجود شيء من الإثارة الدرامية.
وأضاف لـ”العرب” أن التوازن يجب أن يحدث بين الإعلام والإعلان والدراما مع الاستعانة بمتخصصين في كل ملف، والتركيز على أهل المهنة أنفسهم لتولي المسؤولية، ومنْحهم الحرية كي يخططوا ويرسموا ويحددوا احتياجات السوق، وهذا سر النجاح، ولا يجب تصوير المحتوى الدرامي كله على أنه سيء، لأن الدراما هذا العام من أفضل المواسم و9 في المئة فقط من المسلسلات عليها جدل، وهذا طبيعي.
وإذا كانت الحكومة المصرية أقدمت على تشكيل لجنة متخصصة في مراجعة وتقييم وتطوير المحتوى الإعلامي والدرامي، فهي مطالبة بتفكيك منظومة احتكار المشهد وتوزيع الأدوار على شخصيات وكيانات متخصصة ومخضرمة تعي المطلوب جيدا، دون تضييق أو ممارسة وصاية على المشاهد.
ويتفق الكثير من العاملين في الإعلام والدراما بمصر على أن تطوير المحتوى ليس مهمة صعبة ولا يحتاج إلى لجان أو تدخلات حكومية، المهم الفصل بين التمويل والإنتاج والإعلان وإسناد كل ملف إلى أهله لتكون هناك منافسة تلبي تطلعات الجمهور وتحترم التوازن الذي ترغب فيه السلطة دون وصاية.
تابعونا لمزيد من التغطيات الحصرية والمحتوي المتنوع عبر أقسامنا المتجددة، حيث نقدم لكم أحدث أخبار وتقارير علي مدار الـ24 ساعة، وأحدث أخبار مصر و اقتصاد وبنوك وبورصة إلي جانب تغطية حصرية من خلال سفارات وجاليات ، وتغطية شاملة للتطوير العقاري من خلال قسم عقارات ونتشارك في الترويج للسياحة والآثار المصرية من خلال قسم سياحة وآثار ، إضافة لأخبار خاصة في قسم ثقافة وفنون و علوم وتكنولوجيا ومنوعات ، كما نولي اهتمام خاص بـ الرياضة و المرأة ونقدم لكم كل يهم التعليم والطلاب من خلال أخبار الجامعات .