أخبار مصرثقافة وفنون

الحكومة المصرية توظف وسط البلد كمصدر جذب ثقافي

صوت المصريين - The voice of Egyptians

 

حظيت منطقة القاهرة الخديوية، المعروفة بـ”وسط البلد” في العاصمة المصرية باهتمام حكومي مع الانتهاء من انتقال وزارات حكومية شغلت حيزا واسعا من مساحتها وكثافتها البشرية والسكانية إلى العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة)، دفع إلى التفكير في تحويل المنطقة إلى منطقة سياحية وثقافية مع توظيف المباني التراثية كغرف فندقية، والاستفادة من المكتبات المنتشرة في وسط القاهرة.

وحصل هذا الاتجاه على دعم واسع من باحثي التراث وهيئات تنشيط السياحة بعد أن واجهت الحكومة المصرية انتقادات لاذعة بسبب خطط تطوير القاهرة التاريخية وما ترتب عليها من هدم مئات المقابر القديمة، التي تحوي رفات مثقفين وزعماء بارزين.

وعقد رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي اجتماعا تطرق إلى إعداد رؤية متكاملة تتضمن تكليف جهة مختصة لإدارة وتشغيل القاهرة الخديوية والاستغلال المادي الأمثل لها بعد إعادة إحيائها، في محاولة لإعادة الإحياء الثقافي للمنطقة.

تسمى القاهرة الخديوية نسبة إلى الخديوي إسماعيل، الذي كلف المعماري الفرنسي هاوسمان بتنفيذها في وسط القاهرة عام 1867، وتضمَّنت طُرزاً معمارية فريدة أسهم فيها معماريون فرنسيون وإيطاليون وألمان ومصريون.

وتضمّ المنطقة الخديوية أحياء عدّة، مثل: عابدين، وقصر النيل، والزمالك، وبولاق أبوالعلا، وميادين: التحرير، وطلعت حرب، ومصطفى كامل، والأوبرا، وشوارع شهيرة مثل: قصر النيل، وطلعت حرب، وباب اللوق، وشريف باشا، وعدلي، ونوبار، وعمادالدين، ومحمد فريد، و26 يوليو (فؤاد سابقا).

وأطلقت الحكومة المصرية، منذ حوالي عشر سنوات، مشروع تطوير القاهرة الخديوية الذي أحدث نقلة نوعية عبر تحسين صورتها البصرية وتعظيمها معماريا، بالحفاظ على واجهات مبانيها المميزة وإزالة التشوهات التي لحقت بها وتنظيم لافتات المحال التجارية بأسلوب يتناسب مع الطابع العام للمنطقة، وانتهت المرحلتان الأولى والثانية من المشروع، وستبدأ المرحلتان الثالثة والرابعة هذا العام، وتركز على التوسع في الغرف الفندقية، والتوظيف السياحي والثقافي للمنطقة.

ومازالت العديد من المناطق التي يغلب عليها الطابع الشعبي، مثل منطقة العتبة بحاجة إلى المزيد من التطوير، حال هدفت الحكومة إلى أن تتحول وسط القاهرة إلى عامل جذب كبير، مع شكاوى من انتشار العشوائية وغياب الانضباط الذي يهدد الطابع الحضاري.

وثمة تخوفات من أن يكون إسناد التطوير لجهات خاصة سببا في الاهتمام بالعوائد المادية على حساب القيمة التراثية والثقافية للمنطقة بما يضمن عدم تكرار تطوير منطقة الأهرامات التي لم تحقق المرجو منها مع إسنادها لشركة أوراسكوم بيراميدز في ظل خلافات مستمرة مع الحكومة بشأن تهيئة المنطقة للجذب السياحي.

قالت مستشار محافظ القاهرة لمشروع “إعادة الوجه الحضاري للقاهرة الخديوية” سابقا سهير حواس إن منطقة وسط البلد أثبتت أنها مصدر جذب قوي للسياحة والاستثمار والثقافة، وأن المشروع الذي بدأ منذ عشر سنوات لفت الانتباه إلى المنطقة باعتبارها ثروة حضرية يمكن الاستفادة منها وجذبت الكثير من رجال الأعمال الذين جاؤوا لشراء مبان تاريخية وأعادوا توظيفها بما يخدم الهوية الثقافية للمنطقة.

وأضافتأن الجهات الحكومية متمثلة في شركة إدارة الأصول العقارية غيّرت في مسار إدارتها للعقارات التراثية بالمنطقة ويصل عددها إلى أكثر من 50 عقارا، وتوقفت عن بيع أصولها وبدأت في ترميم المباني وأدركت أهميتها وقامت بإعادة افتتاحها.

وتهدف الحكومة حاليا إلى الاستفادة من مباني الوزارات والهيئات التي أضحت فارغة بعد انتقال الموظفين إلى مقرات جديدة في العاصمة الإدارية، وهناك رصيد مهم من المباني ذات القيمة المتميزة يمكن أن تساهم في تنشيط السياحة مع اتخاذ إجراءات صارمة مع أصحاب المحال التجارية للاستجابة لاشتراطات جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة.

وقامت الحكومة بتجديد واجهات 300 عقار مُسجل ضمن التراث في الفترة بين عامي 2015 و2017، وتطوير 5 ميادين و10 شوارع، وتم افتتاح المرحلة الأولى من مشروع تطوير كورنيش النيل والممشى السياحي إلى تطوير واجهات المحال التجارية وإنارة واجهات العقارات على غرار العقارات المطلة على ميدان التحرير.

وتراجع الاهتمام بتطوير القاهرة الخديوية، وبدا أن مشروع التطوير الحضاري الذي جاء بمردود إيجابي على المستوى الشكلي لم يتم توظيفه بالشكل الأمثل لتحويل المنطقة إلى ما يشبه المنتجع المتكامل سياحيا وثقافيا، ولم يتم استكمال خطط منع سير السيارات في الشوارع التاريخية. كما أن مشروع “كايرو بايك” الذي هدف إلى أن تكون الدراجات وسيلة تنقل سهلة في هذه المنطقة توقف في مناطق عدة، بينها وسط القاهرة، رغم تحديد مساحات لسيرها.

قدم الآن.. وظائف بنك مصر الجديدة 2025 ورابط التقديم الرسمي

وشددت سهير حواس، وهي أيضا أستاذ العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، على أن المنطقة الخديوية تستحق أن تحظى برعاية شاملة مع وجود مقومات الجذب فيها، والاستفادة من التجارب الأوروبية التي توظف المباني التراثية لجذب من يتذوقون فنون العمارة القديمة، وأن فكرة تحويل الوزارات إلى غرف فندقية قابلة للتنفيذ، لأن غالبية المباني الحكومية مبنية على أسس وظيفية تتشكل من غرف متوازية ويتكرر تصميمها هندسيا.

وأشارت في حديثها لـ”العرب” إلى ضرورة توفير البيئة المحيطة لجذب السياح ولا يكفي تحويل البنايات إلى فنادق كي يجد السائح الخدمات التي تجذبه إليها، مع أهمية وجود أماكن لانتظار السيارات وتوفير المواصلات وسهولة الترجل والتنقل، ما يجعل توفير الخدمات في هذه المنطقة العريقة سابقا على جهود التطوير الشكلي.

وافقت الحكومة المصرية منذ نحو عامين على تحويل مبنى مجمع التحرير الحكومي الشهير بوسط القاهرة إلى مبنى فندقي، مع إحالة تبعيته إلى صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية، والوضع ذاته بالنسبة لمبنى وزارة الداخلية، وتتولى شركة أميركية الإشراف على تطويره مع تغيير اسمه إلى “كايرو هاوس”. وتبلغ قيمة مخطط تطوير مبنى مجمع التحرير نحو 200 مليون دولار، ويرمي إلى خلق مزيج رائد من التنمية، وإعادة الحيوية لوسط القاهرة ودعم فرص الاستثمار.

أكدت سهير حواس أن تطوير القاهرة الخديوية لا يجب أن ينفصل عن القاهرة التاريخية، والمقصود بها المنطقة التي تحوي تراثا حافلا، فهما يسيران في مسار واحد، يتمثل في الحفاظ على التاريخ، كما أن الأسس الفنية في الترميم متشابهة بل إن التعامل مع المباني والحوائط أكثر حساسية في التاريخية من الخديوية، لأن العمل يتم في شوارع ضيقة ولا توجد مرونة لدخول المعدات الثقيلة.

قدم الآن.. وظائف بنك مصر الجديدة 2025 ورابط التقديم الرسمي

ولفتت إلى أن الحفاظ على النسيج العمراني للقاهرة التاريخية جزء من جمالها المعماري، وأن التدخل لشق شوارع يصل عرضها إلى 20 مترا كمن يقطع قماشة لتضيع معالمها، ولذلك فالحديث عن التطوير يثير حساسية لدى باحثي التراث، لاسيما مع إضافة كلمة “السريع”، لأن المناطق التاريخية بحاجة إلى تطبيق علم “إدارة الحفاظ على المناطق الأثرية”، وله قواعد دولية معينة، ويصعب إسناده إلى مقاول لا يعرف ماهية هذه المبادئ التي تتعلق باشتراطات وقوانين للتعامل مع المناطق التاريخية.

وتعود أزمة هدم المقابر التاريخية إلى عام 2021، حينما أعلنت السلطات عن خطط لتطوير محور صلاح سالم (شرق القاهرة) وإزالة مدافن مجاورة، وخلال العام الماضي أثار هدم عدد من المقابر في منطقة “باب النصر” بوسط القاهرة جدلا واسعا، حيث قالت محافظة القاهرة إنه تم إخلاء 1171 مقبرة لبناء جراج متعدد الطوابق.

وتأسست القاهرة التاريخية عام 969 ميلادية في عهد الخليفة الفاطمي المعز، ومع توسع المدينة أصبحت تضم العواصم القديمة وانضمت العديد من مناطقها ومعالمها إلى قائمة التراث العالمي لليونسكو، منها الفسطاط التي تشمل مقياس النيل في جزيرة الروضة ومسجد عمرو بن العاص والكنيسة المعلقة ومعبد بن عزرا، وجامع ابن طولون والقلعة والمنشآت الفاطمية بالقاهرة ومقابرها ومقام الإمام الشافعي.

حرب ترامب.. كيف ستؤثر التعريفات الجمركية على اقتصاد أمريكا والعالم؟

تابعونا لمزيد من التغطيات الحصرية والمحتوي المتنوع عبر أقسامنا المتجددة، حيث نقدم لكم أحدث أخبار وتقارير علي مدار الـ24 ساعة، وأحدث أخبار مصر  و اقتصاد وبنوك وبورصة إلي جانب تغطية حصرية من خلال  سفارات وجاليات ،  وتغطية شاملة للتطوير العقاري من خلال قسم عقارات ونتشارك في الترويج للسياحة والآثار المصرية من خلال قسم  سياحة وآثار  ، إضافة لأخبار خاصة في قسم ثقافة وفنون و علوم وتكنولوجيا ومنوعات ، كما نولي اهتمام خاص بـ الرياضة و المرأة ونقدم لكم كل يهم التعليم والطلاب من خلال أخبار الجامعات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى