أخبار مصر

تحفظ شعبي ضد توجه مصر لتكريس الدين في التعليم

صوت المصريين - The voice of Egyptians

القاهرة – جلبت الحكومة المصرية على نفسها منغصات سياسية بعد أن أعلنت وزارة التربية والتعليم عزمها على تحويل دروس التربية الدينية من دروس خارج المجموع الكلي للنجاح والتفوق إلى مادة تضاف إلى درجات الطالب في مختلف الصفوف للعام الدراسي المقبل، وتسبق تلك الخطوة تعديلات تشريعية خاصة بقانون التعليم.

ويرتبط غضب شريحة من المواطنين وخبراء التعليم ونواب البرلمان وسياسيين، بأن الحكومة تسير عكس اتجاه مدنية الدولة بإدخال الدين ضمن المواد التي يتم على أساسها تقييم الطالب وتحديد مستقبله الدراسي، وهي نفس الفكرة التي يقوم عليها التعليم الأزهري الذي تسعى دوائر حكومية للحد من إقبال الناس عليه.

مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض.. كيف ستتحرك الأسواق؟

وأعلنت الحكومة قبل أيام فتح حوار مجتمعي موسع مع سياسيين وأحزاب وخبراء ووزراء تعليم سابقين ونواب برلمان، للوصول إلى نقطة توافق حول المقترح، لكن جاءت أغلب ردود الفعل متحفظة على الفكرة بمفهومها الشامل، لأن ذلك يمهد للتقييم على أساس ديني بالمخالفة لمدنية التعليم المصري.

وأكدت موجات الدعم لوزارة التعليم من جانب مناصرين للتيار السلفي أن الحكومة قدمت خدمة جليلة مجانية لجماعات الإسلام السياسي التي تريد أن يكون لها صوت أعلى من صوت العالم المدني، وما يترتب على ذلك من زيادة الجرعة الدينية لدى الأجيال الجديدة بعيدا عن ثقافة الانفتاح.

وكانت دروس التربية الدينية، الإسلامية والمسيحية، خارج مجموع الطالب المصري، ورفضت أنظمة متعاقبة الدخول في إشكالية إضافتها إلى درجات الطلاب خشية من توظيفها سياسيا من قبل عناصر دينية متشددة.
أكثر من 200 شاحنة تدخل قطاع غزة تشمل الغاز والوقود

وتعتقد دوائر سياسية أن ارتفاع منسوب الوعي ضد محاولات تديين التعليم المصري يعكس زيادة جرعة التحرر من الوصاية الدينية، وهو ما يجب أن تستثمره الحكومة لا أن تتحداه بالسير في طريق يعيد إحياء تيارات إسلامية متطرفة دأبت على استغلال التدين الشعبي لتحقيق أهداف مشبوهة.

وتبدو المؤسسات التعليمية في مصر كأنها تسير عكس اتجاه المدنية، فقد عملت على مدار السنوات الماضية من أجل تطوير المناهج وعدم ربط النظريات العلمية بالدين مقابل تكريس العصرنة والانفتاح وتمكين الطالب من مهارات عصرية تواكب متطلبات سوق العمل، حتى فاجأت الناس بخطوة مغايرة تماما.

وبررت وزارة التعليم تلك الخطوة بأنها تحاول تقريب الطلاب من دينهم الحقيقي لتحسين منظومة الأخلاق والقيم، ولن يتحقق ذلك سوى بإعادة الاعتبار إلى مادة التربية الدينية التي كان يتم تهميشها وعدم الاهتمام بها من جانب الطلاب وأسرهم باعتبارها خارج درجات المجموع الكلي.

ويقول معارضون إن الاعتماد على المؤسسات الدينية، الإسلامية والمسيحية، لإعداد المناهج الخاصة بكل ديانة يكرس تدين الطلاب ويفرض عليهم قضايا بعينها، وتقييم المتعلم على أساس الدين خطوة تقود إلى التذمر إذا أجبر الطالب على الدراسة بالترهيب.

ويضيف هؤلاء المعارضون أن أغلب المدارس لا يوجد بها معلمون متخصصون في تدريس التربية الدينية، ومن الخطورة الاعتماد على غير المتخصصين للقيام بتلك المهمة، فقد يكون ذلك مقبولا وهي خارج المجموع الكلي، لكن دخولها إلى درجات النجاح والتفوق يستدعي توفير معلمين بمواصفات خاصة.

واقترح وزير التربية والتعليم محمد عبداللطيف أن يتم تدريس التربية الدينية للطلاب بحيث تتضمن القيم الأساسية للديانات عموما، ويتم تدريسها على أساس أخلاقي بحت باعتبار أن الأخلاق واحدة في كل الأديان، وسيكون الامتحان في ذلك المنهج موحدا بين جميع الطلاب من دون النظر إلى طبيعة ديانتهم.

وأمام التحفظ على الفكرة تم تعديلها لتكون كل ديانة (الإسلام والمسيحية في مصر) مختصة بمنهجها التعليمي، وقوبل ذلك بتحفظ أيضا، في ظل حساسية أغلب المصريين من الحديث عن قرارات تخص المناهج الدينية، بعيدا عن كون هؤلاء ملتزمين دينيا أم لا، فهم يعتبرون الخطوة استهدافا للدين أو محاولة لخدمة عقيدة بعينها.

ويوجد مناصرون للحكومة، من بوابة أن الخطوة تستهدف قيامها بمهمة تجديد الفكر والخطاب الديني من منظورها الخاص بعد أن فشلت المؤسسات الدينية في تحقيق تقدم بهذا الملف، حيث اعتادت التيارات المتطرفة استثمار الثقافات القديمة وارتفاع منسوب الأمية المجتمعية لتحقيق مآربها.

ولا تروق تلك الخطة للمفكرين والمثقفين، ويرون أن الحكومة ترتكب خطأ جسيما عندما تكرس تديين التعليم، وبدلا من تحجيم المعاهد الأزهرية تقوم بمنافستها بما يناقض توجهات الدولة التي تستهدف وجود نظام تعليمي معاصر.

ويستهدف مشروع التعليم الذي أطلقه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عام 2017، إعادة بناء الشخصية لتتواكب مع خطة التنمية المستدامة 2030، وتصبح تلك الشريحة نواة يتأسس عليها مجتمع متحضر يصعب اختراقه من جانب التنظيمات المتطرفة، أو تتسلل إليه تيارات متشددة من بوابة الدين.

وقال أستاذ علم الاجتماع السياسي في القاهرة سعيد صادق إن تديين التعليم يقود إلى تكريس المزاج السلفي والطائفية في المجتمع، ووجود تحفظ على الخطوة يتطلب من السلطة أن تبني على ذلك الانفتاح العقلي بدلا من تقديم هدايا مجانية لتيارات شغوفة بوجود ثغرة للعودة إلى المشهد بذرائع دينية.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن التعليم لا يجب أن يكون مجالا للمناورة السياسية بين الحكومة والإسلاميين والإخفاق في الوصول إلى خطاب ديني معتدل لا يعني تديين التعليم، بل تعزيز حقوق الإنسان والحريات العقائدية، ولا يجب أن يصل الأمر حد مشاركة أصحاب العقول السلفية في شرح المناهج للطلاب، في حين تقول الحكومة إنها ضد بقائهم في المشهد. وهناك فريق وسطي يرى عدم وجود مشكلة من وراء تدريس التربية الدينية شريطة أن تركز على مبادئ دينية تنتج خطابا معتدلا ينبذ التطرف ويدعم التعايش وقبول الآخر ويوقف التمييز والعنصرية بين أصحاب العقائد، بوضع منهج دراسي للمواطنة والقيم المشتركة، إذا أرادت الحكومة قطع الطريق على المتطرفين.

وترتبط المخاوف بتدخل بعض المؤسسات الدينية، الأزهرية والكنسية، في وضع المنهج الديني وفقا لما يتواءم مع تصوراتها، ويصبح المنهج وسيلة في يد كل مؤسسة للتحكم في الفصيل الديني التابع لها، بشكل قد يثير نقاشات عقائدية حساسة.

تابعونا لمزيد من التغطيات الحصرية والمحتوي المتنوع عبر أقسامنا المتجددة، حيث نقدم لكم أحدث أخبار وتقارير علي مدار الـ24 ساعة، وأحدث أخبار مصر  و اقتصاد وبنوك وبورصة إلي جانب تغطية حصرية من خلال  سفارات وجاليات ،  وتغطية شاملة للتطوير العقاري من خلال قسم عقارات ونتشارك في الترويج للسياحة والآثار المصرية من خلال قسم  سياحة وآثار  ، إضافة لأخبار خاصة في قسم ثقافة وفنون و علوم وتكنولوجيا ومنوعات ، كما نولي اهتمام خاص بـ الرياضة و المرأة ونقدم لكم كل يهم التعليم والطلاب من خلال أخبار الجامعات .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى