من سيحكم قطاع غزة بعد الحرب؟… السؤال الأكبر في مرحلة وقف إطلاق النار
تعد مسألة حكم قطاع غزة بعد نهاية الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس”، واحدة من أكثر القضايا الشائكة، إذ لم يتم التوصل إلى قرار واضح بشأنها في المفاوضات بين طرفي النزاع، والتي أثمرت حتى الآن اتفاقا لوقف إطلاق النار وتبادل الرهائن والأسرى، يدخل حيز التنفيذ الأحد. وفيما ترفض إسرائيل أي دور لحماس في إدارة القطاع بعد الحرب، وتعارض أيضا حكم السلطة الفلسطينية. يقترح البعض تكليف قوة دولية بالمهمة، لكن هذا الخيار يصطدم برفض حماس التي تعي جيدا هي الأخرى أن استفرادها بالحكم لم يعد ممكنا.
وزير المالية: حوافز ضريبية لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال والمهنيين
يرتقب أن ينهي اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية “حماس” وإسرائيل المعلن عنه الأربعاء حربا مدمرة استمرت نحو 15 شهرا وخلفت عشرات آلاف القتلى والنازحين. رغم ذلك، لن تكون الخطوة التي ستدخل حيز التنفيذ الأحد آخر حلقات سلسلة التفاوض بين الطرفين، إذ يتنظر العملية طريق معقدة يرجح أن تصطدم خلالها بألغام سياسية أبرزها هوية الجهة التي ستحكم القطاع بعد الحرب.
في هذا السياق، عبرت أسر الرهائن الإسرائيليين عن قلقها من احتمال عدم تنفيذ كامل الاتفاق مما سيؤدي إلى بقاء بعض الرهائن في غزة.
تيك توك تعلن توقفها شبه المؤكد الأحد في الولايات المتحدة بعد قرار المحكمة العليا
ومن المقرر أن تبدأ المفاوضات بشأن تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق في اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى. ومن المتوقع أن تشمل هذه المرحلة إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، ووقف إطلاق النار الدائم، والانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من غزة.
ويرجح أن تتناول المرحلة الثالثة استعادة إسرائيل لرفات الرهائن المتوفين، وبدء إعادة إعمار غزة بإشراف مصر وقطر والأمم المتحدة.
وفي حال سارت الأمور بسلاسة، فلا يزال يتعين على الفلسطينيين والدول العربية وإسرائيل الاتفاق على رؤية لغزة ما بعد الحرب، وهو التحدي الهائل الذي ينطوي على ضمانات أمنية لإسرائيل واستثمار مليارات الدولارات لإعادة الإعمار.
في هذا السياق، يطرح السؤال الذي لم تتم الإجابة عليه بعد: من سيحكم غزة بعد الحرب؟
السلطة الفلسطينية و”شرعية الحكم”
فازت حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006، فسيطرت على قطاع غزة عام 2007 بعد إجبار حركة فتح التي يتزعمها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على الخروج من القطاع بعد أشهر من الجمود السياسي بشأن اتفاق لتقاسم السلطة.
وبعد حرب غزة سنة 2014، لم تتدخل حماس مباشرة في إعادة الإعمار، وأبدت مرونة فيما وافقت على لجنة الإسناد “لجنة مشتركة بين فتح وحماس لإدارة قطاع غزة في المرحلة التالية للحرب اسمها الكامل لجنة الإسناد المجتمعي”، ومنذ أشهر، يكرر مسؤولون فلسطينيون من كافة الفصائل أن إدارة الأراضي هي مسؤوليتهم، وأنهم لن يتسامحوا مع أي تدخل أجنبي.
إثر محادثات في القاهرة، اتفق ممثلو حماس وفتح على تشكيل لجنة لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، تتألف من شخصيات غير حزبية بقيادة السلطة الفلسطينية.
إنشاء هذه اللجنة وفق مراقبين سيقتضي من محمود عباس إصدار مرسوم رئاسي، يعني بالضرورة تحقيق مصالحة فلسطينية، لكن هذا الأمر غير وارد في المرحلة الحالية على الأقل “نظرا لخوف عباس من فقدان التمويل الدولي ورغبته في استعادة السيطرة الأمنية الكاملة على قطاع غزة”.
وبفضل تشجيع ولو غير مباشر من جانب جزء من المجتمع الدولي، تحاول السلطة الفلسطينية في رام الله، الحفاظ على حضورها في غزة، وخصوصا من خلال البلديات التي لا يزال موظفوها المدنيون يعملون فيها.
كما أن إعادة فتح معبر رفح، بوابة الخروج من القطاع إلى مصر، والتي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي في أيار/مايو 2024، هي أيضا موضوع مفاوضات غير رسمية وغير مباشرة بين مصر وإسرائيل والفلسطينيين وشركاء أجانب مثل الاتحاد الأوروبي.
وفي حال تمكنت السلطة الفلسطينية من إدارته، فإنها ستفتح الطريق أمام عودتها إلى قطاع غزة.
في هذا السياق، أكد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى، الأربعاء، أن السلطة الفلسطينية هي الجهة الشرعية الوحيدة التي يجب أن تدير قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وقال مصطفى، في كلمة له خلال مشاركته في مؤتمر دولي بالنرويج، “بينما ننتظر وقف إطلاق النار، من المهم التأكيد على أنه لن يكون مقبولا لأي كيان آخر أن يحكم قطاع غزة غير القيادة الفلسطينية الشرعية وحكومة دولة فلسطين”.
وشدد مصطفى على ضرورة ألا تكون هناك محاولة لفصل غزة عن الضفة الغربية المحتلة كجزء من دولة فلسطينية مستقبلية.
كان أورد تقرير لهيئة البث الإسرائيلية، أن السلطة الفلسطينية رفضت تشكيل لجنة مشتركة مع حركة حماس لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، و”أصرت على إدارته بمفردها”، رغم اتفاق القاهرة الذي لم ترشح عنه تفاصيل كثيرة.
وذكرت مصادر مصرية مطلعة لهيئة البث، أن السلطة الفلسطينية “تجري محادثات مع إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، حول هذا الموضوع”.
ووفقا للتقرير، فقد حاولت مصر التوسط للتوصل إلى اتفاق بين السلطة الفلسطينية وحماس بشأن الإدارة المدنية لقطاع غزة، “لكنها لم تنجح” في ذلك.
رفض إسرائيلي
ترفض إسرائيل أي دور لحماس التي تحكم القطاع منذ عام 2007 وتعهدت رسميا بتدمير الدولة العبرية. لكنها عارضت بنفس القدر تقريبا حكم السلطة الفلسطينية التي أنشئت بموجب اتفاقيات أوسلو للسلام المؤقتة قبل ثلاثة عقود والتي لها سلطة محدودة في الضفة الغربية.
وقبل إقالته من منصبه في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، قال وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت إنه لا يريد أن تدير بلاده قطاع غزة بعد الحرب. لكن خليفته، يسرائيل كاتس، طالب بـ”حرية العمل الكاملة” للجيش الإسرائيلي في القطاع.
وتقود شخصيات يمينية متطرفة، بمن فيها أعضاء في الحكومة، حملة من أجل عودة المستوطنين إلى غزة، ويعتبرون إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة بمثابة دليل على الدعم الضمني لهذا المشروع.
مع ذلك، جرت مناقشات بين إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة لتشكيل إدارة مؤقتة تدير غزة إلى أن يتسنى للسلطة الفلسطينية بعد إصلاحها تولي المسؤولية.
كما تحدثت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية عن قوة دولية ذات تفاصيل غامضة يمكن أن تشارك فيها المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة وحتى الاتحاد الأوروبي.
حسب الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية عمر معربوني، هناك اتجاهان اثنان للتفصيل في مسألة مستقبل غزة بعد الحرب، أولهما مرتبط بنتيجة الحرب، “على المستوى المباشر لم تستطع إسرائيل إلحاق الهزيمة بحماس، ولم تستطع حتى اللحظة تحرير الأسرى بالقوة العسكرية، هذا له دلالاته انطلاقا من المفاهيم السائدة والثابتة لنتائج الحرب التي تحسم بنتائجها وليس بكلفتها، وبالتالي، حماس والفصائل الفلسطينية التي قاتلت في غزة، لا تعتبر نفسها مهزومة، وهذا سينعكس على مسألة إعادة ترتيب السلطة في قطاع غزة، لكنه بالتأكيد يعني أن الوضع لن يكون كما كان عليه قبل الحرب، وحماس بتقديري ستكون في حالة انفتاح على وضعية جديدة، خصوصا أن هناك مفاوضات مستمرة بين القوى الفلسطينية المختلفة، إضافة إلى قيام روسيا في هذه المرحلة بتقريب وجهات النظر بين الفصائل، تماما كما تفعل الصين”.
بالإضافة إلى ذلك، يشير معربوني إلى أن “هناك مساعي عربية في هذا الاتجاه أعتقد أنها ستبلغ مرحلة الوصول إلى اتفاق بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس وباقي الفصائل الموجودة في غزة لتيسير مسألة إعادة الإعمار ودخول المساعدات الإنسانية وفك الحصار وما إلى ذلك، وهذا أمر بتقديري سيتم برعاية مصرية وقطرية بشكل مباشر، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، باعتبارها دول تشكل ضامنا لعملية وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب”.
خارطة طريق أمريكية
يوما واحدا قبل إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، طرح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن خطة لإدارة قطاع غزة بعد الحرب، قائلا إن إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن سلمت “خارطة الطريق” لفريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب لكي يتابعها في حالة التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع.
وفي كلمة ألقاها في المجلس الأطلسي بواشنطن في أيامه الأخيرة بمنصبه، قال بلينكن إن إدارة غزة بعد الحرب يجب أن تتولاها السلطة الفلسطينية ولكن مع أدوار مؤقتة للأمم المتحدة وأطراف أجنبية.
وأضاف بلينكن، كاشفا عن خطة طال انتظارها لما بعد الحرب مع انتهاء ولايته: “نعتقد أن السلطة الفلسطينية يجب أن تدعو الشركاء الدوليين للمساعدة في إنشاء وتولي إدارة مؤقتة تتحمل المسؤولية عن القطاعات المدنية الرئيسية في غزة”.
نهج ترامب
هذا الموقف الأمريكي الحالي قد لا يصمد طويلا، إذ من المنتظر أن ينهج الرئيس ترامب نهجا مغايرا أكثر حزما خلال توليه السلطة. هذا الأخير لم ينتظر حتى بدء مهامه رسميا لإعلان بعض ملامح تصوره للمرحلة المقبلة، وحتى إن كان ترامب لا يملك استراتيجية واضحة بشأن اليوم التالي بعد الحرب، فإنه متشبث بضرورة إبعاد حماس عن أي تدبير مستقبلي لشؤون القطاع.
خلال المفاوضات، لعب موفد ترامب إلى الشرق الأوسط من أجل السلام ستيفن ويتكوف دورا رئيسيا في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس.
وعقب إعلانه الاتفاق بين الطرفين تعهد ترامب بأنه لن يسمح بأن تتحول غزة إلى “ملاذ للإرهاب”.
وكتب على شبكته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال” أن إدارته “ستواصل العمل بشكل وثيق مع إسرائيل وحلفائنا لنضمن أن غزة لن تتحول أبدا ملاذا للإرهاب من جديد”.
أي دور لحماس؟
خلال عرضه الخطوط العريضة لخطة ما بعد الحرب في قطاع غزة، شدد بلينكن على ضرورة “ضمان عدم قدرة حماس على حكم قطاع غزة، وأن تتولى السلطة الفلسطينية بعد إصلاحها حكم القطاع، ولكن مع أدوار مؤقتة للأمم المتحدة وأطراف دولية”.
كثير من قادة حماس سبق أن تحدثوا عن قدرة المقاومة بعد الحرب، وربطوها بتصورهم لطبيعة الحكم المرتقب لقطاع غزة. باسم نعيم الذي يشغل منصب عضو المكتب السياسي للحركة واحد من هؤلاء، أكد في تصريحات إعلامية سابقة أن حماس لن تطالب بالتفرد بالحكم، لكنه شدد على أن الأمر شأن داخلي فلسطيني، قد يحل بتوافق كل مكونات الشعب الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية، على شكل من أشكال الإدارة ولو مؤقتا، عبر حكومة وحدة وطنية تحكم قطاع غزة والضفة الغربية والقدس لفترة محدودة وتقوم بمهام محدودة، مثل إعادة إعمار قطاع غزة وتوحيد المؤسسات التي عاشت وعانت من انقسام عمره 17 سنة، والتحضير لانتخابات. في المقابل، عبر عن الرفض التام لحكم القطاع من قبل أي جهة خارجية.
في هذا السياق، يرى المحلل السياسي عمر الرداد أن “حماس لديها قناعة اليوم بأنها لن تعود على الأقل مستفردة بحكم قطاع غزة كما كان الواقع قبل السابع من أكتوبر، وكل ما تأمله أن تكون شريكة مع الجانب الفلسطيني”.
ويؤكد الرداد أن “الإشكالية اليوم مرتبطة باليمين الإسرائيلي الذي لا يريد لا لحركة فتح أي السلطة الوطنية الفلسطينية ولا لحركة حماس حكم غزة، وهو ما عبر عنه نتانياهو، بتكراره في مناسبات عديدة، عبارة لا فتحستان ولا حماستان، قاصدا بذلك أن التنظيمين إرهابيين ولن يسمح لهما بإدارة القطاع”، هذا الخيار وفق المتحدث “يتعارض مع الموقف الدولي، إذ يصر كثير من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلى جانب الدول العربية على حكم السلطة الفلسطينية قطاع غزة كما الشأن بالنسبة للضفة الغربية”.
حسب المحلل السياسي فستشهد المرحلة القادمة “المزيد من الضغوط على إسرائيل تمهيدا لعوده السلطة الوطنية الفلسطينية إلى رفح، وربما سيكون ذلك عبر إشارات تتمثل في عودة استلامها لإدارة المعابر، بحيث تشرف على العملية، مع احتمال مشاركة جهة أوروبية أو جهات عربية مثل قطر، أو الإمارات، أو مصر، أو الأردن، أو غيرها من الدول”.
ويخلص المتحدث إلى أن “حماس لن تستفرد بإدارة غزة بأي صيغة من الصيغ”، غير أنه يؤكد “أن كثيرا من علامات الاستفهام حول إمكانية حكم السلطة الفلسطينية للقطاع لا تزال مطروحة، لا سيما وأنها متهمة بالفساد ومدعوة لإجراء إصلاحات هيكلية” لكنه يرجح في المقابل أن “أطروحات اليمين الإسرائيلي ستذهب أدراج الرياح، إذ لابد من شريك فلسطيني يدير قطاع غزة في جميع الأحوال وإلا تحول الأمر إلى احتلال كامل له”.
تابعونا لمزيد من التغطيات الحصرية والمحتوي المتنوع عبر أقسامنا المتجددة، حيث نقدم لكم أحدث أخبار وتقارير علي مدار الـ24 ساعة، وأحدث أخبار مصر و اقتصاد وبنوك وبورصة إلي جانب تغطية حصرية من خلال سفارات وجاليات ، وتغطية شاملة للتطوير العقاري من خلال قسم عقارات ونتشارك في الترويج للسياحة والآثار المصرية من خلال قسم سياحة وآثار ، إضافة لأخبار خاصة في قسم ثقافة وفنون و علوم وتكنولوجيا ومنوعات ، كما نولي اهتمام خاص بـ الرياضة و المرأة ونقدم لكم كل يهم التعليم والطلاب من خلال أخبار الجامعات .