علوم وتكنولوجيا

لا يؤذى الكبد فقط .. تأثير الكحول على الدماغ

صوت المصريين - The voice of Egyptians

ثبت أن تأثير الكحول علي الدماغ يسبب ضرراً بالغاً وليس علي الكبد فقط

ويعتقد كثيرون أن تأثير الكحول على الجسم يقتصر على الكبد، لكن الدراسات أثبتت أن الواقع أكثر تعقيدًا. فتناول الكحول يمكنه أن يؤثر بشكل كبير على الدماغ أيضا.

من المعروف أن الكحول والإفراط في تناوله من الممكن أن يؤثر على صحة الكبد، ولكن أثبتت كثير من الدراسات الحديثة أن الكحول يمكنه أن يُفسد العقل أيضا، بسبب تأثيره السلبي على الدماغ سواء على المدى القصير أو الطويل مما يجعل الأداء العقلي والجسدي للفرد في تراجع.

ويتعدى تأثير تناول الكحول الشرب المفرط أو الإدمان، لأن التغييرات التي يتسبب بها في الدماغ يمكن ملاحظتها حتى مع استهلاك كميات قليلة.

التأثيرات الفورية للكحول على الدماغ

يمكن أن يتسبب تناول الكحول في إحداث تأثيرات فورية على الدماغ، قد تشمل:

الكلام والقدرة على التعبير

من أولى العلامات التي تدل على تأثير الكحول هو تغيير الكلام. فقد تلاحظ أن شخصًا يواجه صعوبة في تكوين الجمل أو يتلعثم في حديثه بعد تناول المشروبات الكحولية، فذلك بسبب تأثير الكحول على الدماغ. لأن الكحول يؤثر على مراكز التحكم في الحركة في الدماغ، مما يعوق قدرة الشخص على التحدث بوضوح.

والسبب في ذلك هو التوازن بين ناقلي العصبيين الجلوتامات وGABA، حيث يثبط الكحول نشاط الجلوتامات، وهو ناقل عصبي مثير، بينما يعزز نشاط GABA، وهو ناقل عصبي مثبط. هذا يؤدي إلى تباطؤ النشاط العصبي ويجعل من الصعب على الشخص التعبير عن نفسه بشكل طبيعي.

 

التوازن والمشي

يؤثر الكحول أيضًا على قدرة الجسم على الحفاظ على التوازن. العديد من الأشخاص الذين يستهلكون كميات كبيرة من الكحول يصبحون غير قادرين على الوقوف بشكل مستقيم أو قد يبدأون في الترنح والسقوط، نتيجة الأثر الذي يُحدثه الكحول على المخيخ (وهو الجزء من الدماغ المسؤول عن التنسيق الحرك). تأثير الكحول هنا يشمل اضطراب التنسيق بين الإشارات العصبية، مما يجعل الحركات غير متناسقة وصعبة.

الذاكرة

من الممكن أن يتسبب تناول الكحول في فقدان الذاكرة، وهو الأثر الذي يشعر به كثيرون بعد تناول كميات كبيرة من الكحول. قد يعاني الشخص من حالة تسمى “سُكر أسود”، وهي حالة يفقد فيها الشخص القدرة على تذكر أحداث معينة بعد تناول الكحول. وهذا يحدث بسبب تأثير الكحول على الحُصين (وهو الجزء من الدماغ المسؤول عن تشكيل الذكريات)، ويعيق الكحول هذه العملية ويمنع الدماغ من تخزين الذكريات بشكل طبيعي، مما يؤدي إلى فقدان الذاكرة على المدى القصير.

تأثير الكحول على الدماغ

 

التأثيرات طويلة المدى للكحول

أما التأثيرات السلبية التي من الممكن أن يتسبب بها تناول الكحول على المدى الطويل، فتشمل:

الإدمان

على المدى الطويل، يمكن أن يؤدي استهلاك الكحول إلى الإدمان، وهو اضطراب له تأثيرات عميقة على الدماغ، فالكحول يعزز إفراز الدوبامين، الذي يُعرف بهرمون “المكافأة” في الدماغ، ومع مرور الوقت، قد يصبح الشخص معتمدًا على الكحول ليشعر بالراحة أو السعادة، ويصعب عليه التوقف عن شربه. كما يساهم الكحول في تقليل نشاط اللوزة الدماغية، وهي المنطقة المسؤولة عن تنظيم مشاعر القلق والتوتر. مما يجعل الشخص يرغب في شرب المزيد للتخفيف من مشاعره السلبية، وهذا يعزز من دائرة الإدمان.

التهاب الدماغ وورنكيه

أحد الآثار الصحية الأكثر خطورة التي يمكن أن يعاني منها الأشخاص الذين يستهلكون الكحول بشكل مزمن هو التهاب الدماغ وورنكيه. الذي يحدث عندما يؤدي نقص فيتامين B1 (الثيامين) إلى تلف في الخلايا العصبية. ويعوق الكحول امتصاص الثيامين، ما يؤدي إلى تدمير خلايا الدماغ ويؤثر على وظائفها بشكل حاد. يمكن أن تتسبب هذه الحالة في اضطرابات في الحركة وتغييرات في الحالة العقلية، وقد تشمل الأعراض الأخرى فقدان التنسيق الحركي وعدم القدرة على المشي بشكل طبيعي.

متلازمة كورساكوف

إذا ترك التهاب الدماغ وورنكيه دون علاج، يمكن أن يتطور إلى متلازمة كورساكوف، وهي حالة عصبية مزمنة تؤثر على الذاكرة. ومن الممكن أن يفقد الأشخاص الذين يعانون من هذه المتلازمة قدرتهم على تكوين ذكريات جديدة، مما يؤثر على حياتهم اليومية بشكل كبير، وقد تصبح هذه الحالة دائمة، وفي بعض الحالات، يمكن أن تؤدي إلى غيبوبة أو الموت إذا لم يتم العلاج في الوقت المناسب.

هل يمكن علاج الأضرار الدماغية الناتجة عن الكحول؟

تعد متلازمة كورساكوف من أكثر الأضرار الدماغية خطورة التي يمكن أن يتسبب فيها الكحول، لكنها تحدث في حالات استهلاك كحول مزمن لسنوات طويلة. ومع ذلك، حتى الأضرار التي تحدث بسبب الشرب المفرط لمرة واحدة يمكن أن تكون قابلة للتراجع والعلاج.

أظهرت بعض الدراسات الحديثة أن الدماغ قادر على التعافي بشكل ملحوظ بعد فترة من التوقف عن استهلاك الكحول. فعلى سبيل المثال، قد يستعيد الدماغ سماكته القشرية بعد 7 أشهر من الامتناع عن الكحول، ما يعكس قدرة الدماغ على التكيف والشفاء، مما يعني أن العلاج يعتمد على قدرة الشخص على التوقف عن تناول الكحول.

و تشير الأبحاث كذلك إلى أنه بمجرد التوقف عن الشرب، يمكن للدماغ أن يبدأ في استعادة وظائفه بشكل تدريجي، حيث تبدأ الذاكرة والتركيز في التحسن بعد فترة قصيرة من الامتناع عن الكحول، على أن يبدأ الشخص في اتخاذ خطوات مبكرة لوقف تناول الكحول، فإن تأثيراته السلبية على الدماغ يمكن أن تقل بشكل ملحوظ، مما يعيد الأداء العقلي إلى حالته الطبيعية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى