سمير البسيوني يكتب: منح إميركا اسرائيل شيك علي بياض سيجعل واشنطن تشهر إفلاسها
تعد الانتخابات الأمريكية الحالية والتي تجري رحاها بين دونالد ترامب وكاميلا هاريس هي أدق وأخطر انتخابات في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية لما يحيطها من أحداث وما سنتنج عنه هذه الانتخابات من رئيس أمريكي جديد سيضع استراتيجية جديدة في التعامل مع الشرق الأوسط.
ترامب يدافع عن إسرائيل
الانتخابات الأمريكية تدور حاليا وتدور حولها أحداث تدمير الاحتلال الاسرائيلي لقطاع غزة الذى بدأ منذ عام وراح ضحية الاعتداءات الاسرائيلية قرابة 50 ألف فلسطيني معظمهم من النساء والاطفال ، ثم قامت إسرائيل بتوسيع دائرة الصراع وهاجمت لبنان وسوريا ونفذت عمليات اغتيال طالت عدة دول منها لبنان وإيران .
يجري كل هذا بسبب اسرائيل التي دافع عنها ترامب وقال خلال مناظرته أمام هاريس في شهر سبتمبر الماضي : لو كنت رئيسَا للولايات المتحدة لم تكن هناك حربًا في غزة ولم يكن يحدث هجوم السابع من أكتوبر.
منح إميركا اسرائيل شيك علي بياض سيجعل واشنطن تشهر إفلاسها
وما لا شك فيه أن ما تقوم به أميركا مع إسرائيل كشخص يمنح شخص آخر شيك علي بياض ، لذا تبدو إسرائيل كالمتحكم في أميركا والمسيطرة عليها ، كما أنه لا شك أن أن إمريكا بمنحها اسرائيل شيك علي بياض سيجعل واشنطن تشهر إفلاسها، وأخطر هذه الخسائر هو خسارة الدعم الدولي والتأييد العالمي لأميركا التي كانت دوماً تقدم نفسها في دور الأخ الأكبر الذى يرعي ويدعم ويعاقب أحياناً أحد أفراد الأسرة الأصغر منه إن أخطأ، لكن في الوقت الذى تمارس أميركا دورها كأخ أكبر فإنها أبداً لا تعاقب إسرائيل مهما كانـت أفعالها شائنة ، لذا تخسر أميركا كثيراً بدعمها الغير عادل لاسرائيل
حل السلام الدائم بين فلسطين وإسرائيل بإنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس
لذلك تكمن أهمية الانتخابات الأمريكية الحالية في ضرورة إقرار الرئيس الأمريكي الجديد حل السلام الدائم بين فلسطين وإسرائيل بإنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس، حتي يعم الاستقرار في الشرق الأوسط ، وألا تستمر سياسة أمريكا في انتهاج مبدأ المسكنات التي قد تدوم لعام أو عامين ثم تعود الحروب تشتعل بين فلسطين وإسرائيل من جديد بل وتمتد نيران هذه الحرب إلي الشرق الأوسط كله كما نري الآن في العدوان الاسرائيلي علي غزة الذى امتد إلي لبنان وايران واليمن ووصل تأثيره إلي أمريكا وأوربا لاسيما في المظاهرات والاعتصامات التي جابت الشوارع الأوربية والجامعات الأمريكية تطالب بتطبيق القانون ومحاسبة اسرائيل علي قتل المدنيين والنساء والأطفال في غزة والضفة الغربية.
التغيير في سياسات الدولة يأتي من تغيير استراتيجي في فلسفة الحكام
فنحن نري مثلاً، أن رئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنايهو يطبق سياسة” فرق تسد ” ، فهو يريد فرض سيطرة كاملة لدولة الاحتلال الاسرائيلي علي دول الشرق الأوسط كلها ، وكان حديثه قبل عام 2003 مطابقاً لحديث الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش من أن إزالة نظام صدام حسين من الشرق الأوسط سيجعل السلام يعم العالم جميعاً ، ثم جاء غزو العراق وجاءت حرب العراق وما تبعهما من معاناة وإزهاق أرواح أبرياء وانتشار للإرهاب وتقسيم للدولة ومعاناة يعايشها العراقيون حتي اليوم، ولم يأتي السلام ولم يعم الاستقرار أرجاء العراق ولا الشرق الأوسط بعد إعدام صدام حسين،، ثم تكرر حديث أمريكا وإسرائيل عن النظام السوري و الآن تتكرر نفس الفلسفة لهما بعد 20 عام من غزو العراق بالحديث عن إيران والرغبة في إزالة النظام الإيراني ومن ورائه حزب الله ليعيش العالم في سلام حسب الدعاية الاسرائيلية.
سياسة ” فرق تسد “
لذلك فالأجندة الاسرائيلية تسير علي سياسة ” فرق تسد ” ، لأنهم يريدون سيطرة شاملة علي منطقة الشرق الأوسط ، والآن مع استمرار المساعدات الأمريكية ومساندتها لاسرائيل سواء سياسياً أو عسكرياً يشعر نتنياهو أن دولته لن تتم محاسبتها مهما قامت بإبادة أبرياء أو تدمير بني تحتية أو اغتيال شخصيات تراها خطر عليها.
وفي داخل أميركا أصبح الأمر واضح للجميع أن الحركة الصهيونية لديهم سيطرة علي الكونجرس ويستطيعون فرض آرائهم علي السياسيين الأمريكيين ويمنعون بشتي الطرق الأصوات التي تنادي بتطبيق القوانين الدولية أو محاسبة اسرائيل علي جرائم الحرب
ومما لا شك فيه أن امريكا نفسها تعاني من مشاكل علي المستوي السياسي الدولي نتيجة دعمها الغير محدود لاسرائيل ، وقد كانت امريكا تعامل اسرائيل سابقا كبلد ضعيف أو صغير حتي تمكنت اسرائيل مع مرور السنوات من استمالة امريكا ناحيتها ودخل اللوبي الحركة الصهيونية إلي قلب الحكم والسياسة الأمريكية وبما يمتلك اللوبي من أموال وسيطرة علي وسائل الإعلام أصبحت اسرائيل دولة قوية وكبيرة حتي إنها البلد الوحيد علي مستوي العالم الذى يفعل ما تريد من انتهاك للقوانين وحقوق الإنسان وقتل واغتيال بدون محاسبة ، لان امريكا داعم لها بحق الفيتو.
ولأن أطماع إسرائيل لا تتوقف ولأن انتهاكها للقانون الدولي يستمر، فلابد من أن تغير أمريكا استراتيجيتها مع اسرائيل ومع الشرق الأوسط ، وكما هو واضح أن شكل المنطقة سيتغير عما كان معروفاً وتظهر جماعات إرهابية جديدة تهدد استقرار الشرق الأوسط وتستنزف العالم كله.
توجه العالم العربي أو الإسلامي لروسيا وآسيا نتيجة سياسة أمريكا الغير عادلة
ولا شك أن تعديل سياسة أمريكا تجاه اسرائيل وإيقاف أطماع دولة الاحتلال سيعدل البوصلة العربية والإسلامية جهة أمريكا ، فسوف تحصل الولايات المتحدة علي فوائد من الشرق الأوسط والعرب والعالم الإسلامي أكبر مما تحصل عليه الآن ، لاسيما أننا رأينا توجه الدول العربية والإسلامية لإنشاء والانضمام لتحالفات مع روسيا أو الصين أو حتي إيران ، لأن توجه العالم العربي أو الإسلامي لروسيا وآسيا هو بالأساس نتيجة سياسة أمريكا الغير عادلة مع فلسطين ونتيجة محاباة ودعم غير محدود لاسرائيل.
كما أنه لابد أن يكون اتحاد بين الدول العربية والاسلامية إلي جانب الحوار مع امريكا واسرائيل لإيضاح الأمر للرئيس الأمريكي الجديد أنه باختياره لاسرائيل وحدها ودعمها اللامحدود لها ستخسر أمريكا جميع الدول العربية والإسلامية التي ستتجه لتحالفات مع قوي دولية أخري تري فيها جانب من العدالة في سياساتهم مع العرب والإسلام.
ولأنه أولا وآخراً فإن امريكا تسعي للحفاظ علي قوتها الاقتصادية والسياسية ، فإن دعمها لاسرائيل سيجعلها تخسر الكثير من المكاسب من العرب.
خسارة 70% من إيرادات قناة السويس
خاصة وأن العدوان الاسرائيلي امتد تأثيره اقتصادياً علي العديد من دول الشرق والأوسط خاصة مصر حيث يواجه الاقتصاد المصري تحديات بسبب الصراعات في غزة ولبنان والسودان وسط خسارة 70% من إيرادات قناة السويس ومع مرور الوقت لن تستطيع مصر أو أي دولة عربية أخري تحمل خسائر كانت أمريكا سبب رئيسي لها ثم يطلب منها موالاة أمريكا وعدم الانضمام لتحالفات دولية أخري.
مقال بقلم:
سمير البسيوني
أول عمدة مصري منتخب في تاريخ أمريكا
عُمْدَة مدينة واشنطن تاون بولاية نيوجيرسى السابق ورئيس مجلس إدارة موقع التأشيرة نيوز