أخبار وتقارير

من شكر إلى نصر الله.. خريطة الاغتيالات الإسرائيلية في صفوف حزب الله

صوت المصريين - The voice of Egyptians

تشن إسرائيل سلسلة من الهجمات الدقيقة والمكثفة ضد حزب الله في لبنان، مستهدفة قيادات الصف الأول والثاني في الحزب، في خضم العملية التي أطلقت عليها إسرائيل اسم “سهام الشمال”، والتي تهدف إلى إضعاف أحد أقوى حلفاء إيران في المنطقة.

وبدأت العملية بسلسلة من الضربات الاستباقية الدقيقة، والتي هدفت بحسب صحيفة “التلغراف” البريطانية إلى شل القيادة العسكرية لحزب الله، وإضعاف صفوفه، تقويض قدراته على التواصل الفعال، إضافة إلى زرع الخوف بين عناصره.

ووصلت هذه العملية إلى ذروتها مع هجوم واسع النطاق في بيروت، الجمعة، قال الجيش الإسرائيلي إنه أدى إلى مقتل الأمين العام للحزب، حسن نصر الله.

ويأتي القصف الضخم على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب أسبوع، شهد غارات جوية تعد من أوسع العمليات العسكرية نطاقاً في القرن الحادي والعشرين، وفقا للصحيفة البريطانية.

وبعد أن لفتت تفجيرات أجهزة البيجر واللاسلكي اهتمام العالم في الأسبوع الماضي، تقول الصحيفة إن هذه العملية كانت جزءا من استراتيجية إسرائيلية أكبر، شرعت فيها القوات الإسرائيلية بالفعل في حملة اغتيالات واسعة استهدفت رأس الحزب وأكبر عدد ممكن من قياداته العليا.

وانطلقت هذه الحملة بضربة قوية في الصيف، حيث استهدفت غارة جوية إسرائيلية فؤاد شكر، القائد العسكري العام لحزب الله، في معقله بجنوب بيروت، مما أسفر عن مقتله.

قبل أن تأتي الضربة الأكثر تأثيرا، الجمعة، بإعلان الجيش الإسرائيلي مقتل نصر الله، الذي قاد الجماعة المصنفة إرهابية بالولايات المتحدة ودول أخرى، لمدة 32 عاما.

وبعد أن صمد مدار تاريخه الممتد لأربعة عقود أمام سلسلة من عمليات اغتيال قياداته العليا، أوضحت لينا خطيب، الباحثة في مؤسسة “تشاتام هاوس” الفكرية، إلى أنه لم يسبق أن تتابعت عمليات القتل بهذه السرعة، مضيفة “هذه بالتأكيد ضربة أشد وطأة، وستتسبب في ارتباك كبير في صفوف حزب الله”.

أبرز قادة الحزب الذين قتلوا بنيران إسرائيلية، قبل الأمين العام للحزب:
فؤاد شكر

قتل فؤاد شكر الذي يعد من الجيل المؤسس لحزب الله وأحد أبرز عقوله العسكرية، في ضربة نسبت لإسرائيل استهدفت ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله، في 30 يوليو.

وتولى شكر، وهو على غرار بقية قادة حزب الله غير معروف إعلاميا، مهام “قيادة العمليات العسكرية في جنوب لبنان” ضد إسرائيل، منذ بدء التصعيد بين الطرفين بعد اندلاع الحرب في قطاع غزة.

وشكر من بين قادة الحزب الذين كانوا مدرجين على قوائم الإرهاب الأميركية. وعرضت الخزانة الأميركية عام 2017 خمسة ملايين دولار “في مقابل الإدلاء بأي معلومات” بشأنه.

وكانت واشنطن تعتبره “أحد العقول المدبرة لتفجير” طال ثكنات مشاة البحرية الأميركية في بيروت في العام 1983، الذي أسفر عن مقتل 241 عسكريا أميركيا.

وحمل الجيش الإسرائيلي شكر مسؤولية مقتل 12 فتى وفتاة بصاروخ سقط في بلدة مجدل شمس في الجولان السوري من اسرائيل، رغم نفي حزب الله أي علاقة له بذلك.

ابراهيم عقيل

أعلنت اسرائيل في 20 سبتمبر مقتل ابراهيم عقيل بغارة شنتها على ضاحية بيروت الجنوبية.

وعقيل غير المعروف اعلاميا، كان يعد وفق مصدر مقرب من الحزب، الرجل الثاني عسكريا بعد شكر.

وتولى قيادة “قوة الرضوان”، وحدات النخبة في حزب الله، التي تعد رأس حربة حزب الله في القتال البري والعمليات الهجومية، وتشارك وحداتها الصاروخية في قصف مواقع عسكرية اسرائيلية منذ بدء التصعيد قبل نحو عام.

واستهدف عقيل بينما كان يقود اجتماعا لقادة قوة الرضوان، ما أسفر عن مقتل 16 منهم على الأقل بحسب حزب الله.

وعلى غرار شكر، رصدت واشنطن منذ سنوات سبعة ملايين دولار لمن يقدم معلومات عنه لدوره في تفجيرات استهدفت سفارتها ومشاة البحرية الأميركية في بيروت عام 1983. وفي عام 2019، صنفته وزارة الخارجية على أنه “إرهابي عالمي”.

ابراهيم قبيسي

وأعلن حزب الله، في 25 سبتمبر، أن أحد قادته العسكريين، إبراهيم قبيسي، قتل في غارة إسرائيلية استهدفت معقله قرب بيروت.

وانضم قبيسي إلى الحزب منذ تأسيسه في العام 1982، وشغل مناصب عسكرية مهمة من ضمنها قيادة وحدة بدر، المسؤولة عن منطقة شمالي نهر الليطاني، إحدى مناطق عمليات حزب الله الثلاث في جنوب لبنان.

وفي نبذة عن حياته، قال حزب الله إن قبيسي تدرج في المسؤوليات التنظيمية وقاد عددا من التشكيلات الصاروخية.

وقال الجيش الإسرائيلي إن قبيسي كان يقود وحدات عسكرية عدة، بما في ذلك وحدة الصواريخ الموجهة الدقيقة. وتم استهدافه بينما كان مع قادة آخرين من الوحدة الصاروخية للحزب.

قياديون آخرون

وإلى جانب القادة المذكورين، خسر حزب الله منذ بدء التصعيد اثنين من قادة مناطقه العسكرية الثلاث في جنوب لبنان، وهما محمد نعمة ناصر الذي قتل بغارة اسرائيلية استهدفت سيارته في منطقة صور في 3 يوليو، وطالب عبدالله بضربة على منزل كان داخله في بلدة جويا في 11 يونيو.

وخسرت كذلك قوة الرضوان عددا من قادتها أبرزهم وسام الطويل الذي قتل، مطلع العام، باستهداف سيارته في جنوب لبنان.

وأعلنت اسرائيل مرارا أنها قتلت “قياديين” آخرين في حزب الله.

كيف تنفذ إسرائيل عمليات الاستهداف؟
ويُعرف كبار القادة العسكريين لحزب الله داخل الحركة بـ”الأشباح التي لا يمكن تعقبها” لشدة سريتهم، ومع ذلك يبدو أن إسرائيل تعرف بالضبط متى وأين يجتمعون وكيف تستهدفهم متى شاءت، وفقا للصحيفة.

ويعتقد الخبير في شؤون حزب الله بالجامعة الأميركية في بيروت، هلال خشان، أن الحركة “قد تعرضت لاختراق كبير”.
ويقول: “المسألة ليست مجرد اختراق من قبل إسرائيل، بل هي مسألة تغلغل عميق”.

وبعد أن كان حزب الله منظمة صغيرة ومتماسكة، توسعت بسرعة، خلال العقد الماضي، مما عرضها للتجسس وفقا لخشان الذي يشير في هذا الجانب إلى دور الأزمة المالية العميقة في لبنان، والتي فتحت الباب أمام الإغراءات المالية داخل الحركة.

ويضيف خشان: “أصبح الفقر في لبنان أرضا خصبة للجواسيس للعمل لصالح إسرائيل”.

هل تشل الاغتيالات حزب الله؟
اعتبرت الصحيفة، أن من غير المحتمل أن تكون عمليات الاغتيال كافية في حد ذاتها لردع حزب الله في مواجهة إسرائيل، مشيرة إلى أن عددا كبيرا من القادة الذين يلعبون أدوارا مهمة ما زالوا أحياء، في حين سيساعد الحرس الثوري الإيراني، الذي يشكل جزءا من سلسلة القيادة في حزب الله، في تجديد الإمدادات القادة العسكريين.

غير أن الصحيفة البريطانية، تشير إلى أن “مستقبل الحركة يبدو أكثر غموضا من أي وقت مضى”، وذلك بالنظر إلى العناصر الأخرى للهجوم الإسرائيلي مثل اخترقا الحزب وتفجيرات الأجهزة والغارات على مخازن أسلحته وغيرها.

وتقول خطيب في هذا الجانب: “على الرغم من أن حزب الله ليس على وشك الانهيار حاليا، أعتقد أنه يواجه أكبر تحد في تاريخه”.

وأشارت الصحيفة إلى أن معاناة حزب الله لن تقتصر في الفترة المقبلة، على حالة شديدة من الشك والريبة تجاه احتمال وجود جواسيس بين صفوفه، بل سيتعدى ذلك إلى فقدان الثقة في استخدام أي وسيلة تكنولوجية للتواصل، وعدم القدرة على تنسيق رد صاروخي أو حتى تنظيم الخدمات اللوجستية الأساسية.

وترى خطيب أن “حزب الله لن يتمكن من التعافي من هذه الخسارة التاريخية. قد لا نرى آثار ذلك فورا، لكن على المدى الطويل، أعتقد أن الضرر الذي لحق بالحزب سيكون غير قابل للإصلاح”.

وبشأن استهداف الأمين العام لحزب الله، أوردت الصحيفة، أنه على الأرجح “هدف رمزي”، فهو يمثل صوت الجماعة ووجهها، لكنه في النهاية مجرد رمز. القرارات السياسية والعسكرية الهامة يتخذها مسؤولون تنفيذيون يخضعون لإيران في المقام الأول، وليس لنصر الله.

وأشارت إلى أن اغتيال سلف نصر الله بواسطة مروحيات إسرائيلية عام 1992 لم يؤد إلى شل الحركة، مما يشير إلى أن اغتيال القائد لا يعني بالضرورة تدمير التنظيم.

ويؤكد هلال خشان، أن “نصر الله رمز للشيعة اللبنانيين. إذا أرادت إسرائيل إنهاء ظاهرة حزب الله، فعليها القضاء على رمز الحزب”.

وكشف مصدر استخباراتي إسرائيلي رفيع المستوى أن التصعيد الأخير فتح الباب لاستهداف زعيم حزب الله، مضيفا أن “إسرائيل تجنبت في السابق اغتيال نصر الله، لأن ذلك يشبه اغتيال رئيس دولة، وهو أمر تتحاشاه إسرائيل عادة. لكن الوضع الآن مختلف تماما”.

وأضافت الصحيفة، أن المسؤولين الإسرائيليين، يأملون أن تكون الضربات الجوية الحالية وعمليات الاغتيال والتخريب كافية لإجبار حزب الله – بغض النظر عمن يقوده – على سحب قواته من الحدود.

لكن الصحيفة، تورد أن الهجوم على المقر في بيروت ومقتل نصر الله قد يكون قضى على هذا الأمل. ويتساءل المراقبون الآن عما إذا كانت إيران ستتدخل، مما قد يؤدي إلى حرب أوسع في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى