علوم وتكنولوجيا

هل الهاتف قنبلة متحركة .. كيف تحدث حالات انفجار الأجهزة الإلكترونية؟

صوت المصريين - The voice of Egyptians

أثارت حوادث انفجار أجهزة النداء اللاسلكية “البيجر” التي يستخدمها عناصر حزب الله اللبناني في وقت واحد في لبنان وسوريا، لغطاً واسعاً، وفتحت المجال أمام عديد من المعلومات المغلوطة كي تجد طريقها إلى منصات التواصل الاجتماعي بشكل غير مسبوق أثار الفزع لدى الكثيرين، من بينها معلومات تُحذر من تحول الهواتف والأجهزة الإلكترونية إلى “قنابل”.. فما حقيقة ذلك؟

في جنازة في بيروت، ورد أن مكبر صوت دعا الناس إلى إغلاق هواتفهم، مما يوضح الخوف من أن أي جهاز يمكن أن يكون في الواقع قنبلة، بما في ذلك الجهاز الموجود في جيبك.

تشكل الأجهزة الإلكترونية تجارة عالمية، ولقد خلقت أحداث اليومين الماضيين في لبنان ضباباً غير متوقع من المعلومات عن الحرب؛ ذلك أن الجميع تقريباً يستخدمون الأجهزة الإلكترونية الشخصية ـ الهواتف، وسماعات الرأس، والشواحن، بل وحتى أجهزة النداء في بعض الحالات.

وقد تتسبب هذه الأجهزة، في ظل ظروف معينة، في خلق مخاطر. فقد تشتعل النيران في الأجهزة، أو تتعرض للاختراق بحيث يتمكن المتطفلون عن بعد من التجسس عليك، أو تصاب بالبرمجيات الخبيثة التي تحولها إلى شبكات روبوتية. فهل قد ينفجر هاتفك الذكي في أحد الصباحات وأنت تحاول الوصول إليه على المنضدة الليلية؟ من المؤكد تقريباً أن هذا لن يحدث، بحسب تقرير لمنصة theatlantic.

ووفق وكالة أسوشيتد برس ، فمن المرجح أن الهجوم الأخير قد نُفذ عن طريق إخفاء كميات صغيرة للغاية من المواد شديدة الانفجار في أجهزة النداء. ومن حيث المبدأ، كان من الممكن أن يقوم عملاء الاستخبارات في إسرائيل، التي يُعتقد على نطاق واسع أنها نفذت الهجومين، بذلك من خلال تعريض الأجهزة الموجودة في المصنع للخطر. أو، نظراً لأن الأجهزة المتفجرة يبدو أنها استهدفت حزب الله على وجه التحديد وليس كل من يمتلك طرازاً معيناً من أجهزة النداء، فقد يكون الجناة قد اعترضوا الأجهزة بعد مغادرتها المصنع.

ولكن وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز ، ذهبت الاستخبارات الإسرائيلية إلى أبعد من ذلك: فقد أنشأت شركة وهمية مقرها في هنغاريا، وهي شركة  BAC Consulting، لتصنيع وتوزيع الأجهزة الإلكترونية المزورة خصيصاً لغرض بيعها لحزب الله. كما ورد أن شركة BAC Consulting باعت أجهزة نداء عادية لعملاء آخرين.

ويبدو أن حزب الله حصل على قنابل النداء المنتجة قبل أشهر. ومنذ ذلك الحين كانت قنابل النداء والقنابل اللاسلكية تنتظر تفجيرها عن بعد.

هل جهازك في خطر؟

يشير التقرير إلى أنه من غير المرجح أن تجد أن جهاز آيفون أو كيندل أو سماعات بيتس الخاصة بك قد تم تعديلها لتشمل مادة PETN، وهي المادة التي يشتبه حاليًا في استخدامها في تفجيرات لبنان.

وهذا لا يعني أن مثل هذا الشيء لا يمكن القيام به، فثلاثة غرامات فقط من هذه المواد يمكن أن تكون شديدة الانفجار، ومن حيث المبدأ، من الممكن وضع هذه الكمية حتى في التجاويف الصغيرة لجهاز آيفون مملوء بالدوائر الكهربائية.

من الناحية النظرية، يمكن لأي شخص التدخل في مثل هذا الجهاز، إما أثناء التصنيع أو بعده. لكن سيتعين عليهم بذل جهد كبير للقيام بذلك، وخاصة على نطاق واسع. بطبيعة الحال، لا ينطبق نفس الخطر على الأدوات فحسب، بل وعلى أي سلعة مصنعة.

– انفجرت أجهزة إلكترونية أخرى دون أن تكون معدة لتكون قنابل.

– عندما انتشرت الأخبار لأول مرة عن انفجار أجهزة النداء، تكهن البعض بأن البطاريات هي التي تسببت في الانفجار.

– يرجع هذا الاستنتاج جزئيًا إلى زيادة الوعي بأن بطاريات الليثيوم أيون معرضة لخطر الانفجار أو الاشتعال .

يستخدم نموذج جهاز النداء المستهدف في لبنان في الواقع خلايا الليثيوم أيون للطاقة. لكن شدة ودقة الانفجارات التي شهدتها بيروت، والتي كانت قوية بما يكفي لتفجير أيدي الضحايا، لا يمكن أن تكون ناجمة عن انفجار ليثيوم أيون – والذي لا يمكن أيضًا تشغيله حسب الرغبة على أي حال.

يمكن أن تتسبب بطارية الليثيوم أيون في انفجار أصغر إذا تم تسخينها أو شحنها بشكل زائد، لكن هذه البطاريات تشكل خطرًا أكبر في نشوب حريق من الانفجار.  ويمكن أن تفعل ذلك عند ثقبها بحيث يتسرب السائل الموجود بداخلها، وهو قابل للاشتعال، ثم يشتعل.

ووفق التقرير، فإنه في الولايات المتحدة، تشكل البطاريات منخفضة الجودة التي تصنعها شركات سيئة السمعة ويتم تركيبها في أجهزة منخفضة التكلفة – مثل أقلام التبخير أو الدراجات الإلكترونية – خطرًا أكبر بكثير من أي شيء آخر.

ويضيف: الحرائق العرضية التي تشتعل في البطاريات، حتى من الأجزاء الرديئة الصنع، لا يمكن استخدامها لتنفيذ هجوم متفجر متزامن. ولكن هذا لا يعني أنك لا تملك أجهزة قد تعرضك للخطر. ولنتأمل هنا برامج التجسس والبرامج الخبيثة، وهي مصدر قلق شائع موجه إلى الأدوات المصنوعة في الصين.

إذا كان الجهاز متصلاً بالإنترنت، فإنه يستطيع نقل الرسائل، وإرسال معلوماتك الشخصية إلى الخارج، أو من الناحية النظرية، أن ينفجر عند الأمر إذا كان مصمماً (أو معاداً تجهيزه) للقيام بذلك.

ويستطرد التقرير: يبدو من المعقول بما فيه الكفاية أن نجمع القطع معاً بطريقة تثير الخوف ــ أجهزة النداء المتفجرة في بيروت، والملكية الواسعة النطاق للإلكترونيات الشخصية، وخطر نشوب حريق في بطاريات الليثيوم أيون، والأجهزة المتصلة بخوادم غير معروفة في أماكن بعيدة.

وتستحضر كلمات مثل برامج التجسس والبرامج الخبيثة فكرة مستوحاة من جيمس بوند مفادها أن مخترقاً على جهاز كمبيوتر على بعد نصف الكرة الأرضية يستطيع الضغط على الأزرار بسرعة والتسبب في انفجار هاتف أي شخص. ولكن حتى بعد الهجوم المذهل الذي نفذ في لبنان، فإن مثل هذا السيناريو يظل خيالاً وليس حقيقة.

نوع جديد من الإرهاب

ولكن من المؤكد أن هذا الهجوم أدى إلى ولادة نوع جديد من الإرهاب. ففي لبنان وأجزاء أخرى من الشرق الأوسط على وجه الخصوص، أصبح المواطنون الآن يخشون أن تكون الأجهزة العادية قنابل. واعتماداً على الكيفية التي وصلت بها الأجهزة إلى أصحابها الجدد، فمن المحتمل أيضاً أن تكون الأجهزة التي تستخدم في صنع القنابل قد تسربت إلى نطاق أوسع. وقد توفي أربعة أطفال بالفعل، وفق التقرير.

بعبارة أخرى، فإن الخوف قائم على حقائق كافية لترسيخه. وفي الخارج، وحتى هناك في الولايات المتحدة، يمكن حشد نفس الخوف، حتى وإن كان مبرره أقل كثيراً.

ويختتم التقرير: إن الخوف من أن هاتفك المحمول قد يكون قنبلة في الواقع يبدو جديداً، ولكنه ليس كذلك في الحقيقة. إن الخوف ينشأ عن القنابل ، الأشياء التي تنفجر. يمكن تحويل جهاز النداء أو الهاتف إلى قنبلة، ولكن يمكن تحويل أي شيء آخر إلى قنبلة أيضاً.

معايير الأمان

قال العضو المنتدب لشركة “آي دي تي” للاستشارات والنظم التكنولوجية، محمد سعيد، في تصريحات خاصة لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

– “بالطبع هواتفنا ليست قنبلة!”.. الأجهزة التكنولوجية في السنوات الأخيرة تم تصميمها وفق أعلى معايير الأمان.. هي ليست خطيرة بل آمنة جدًا.

– العنصر الأكثر عرضة للمشاكل في الأجهزة هو “البطارية”، وفي بعض الحالات يمكن أن تنفجر نتيجة سوء الاستخدام.

– لهذا السبب، عند الصعود إلى الطائرات يتم التأكد من عدم وجود بطاريات في الأمتعة المخزنة.

وأضاف: بالنسبة لما حدث في لبنان، فإن المعلومات المتوفرة حتى الآن مجرد استنتاجات، ولا يوجد دليل مؤكد على الأدوات.. الحديث عن وجود خلايا متفجرة أو مواد قابلة للانفجار داخل الأجهزة يبقى مجرد تكهنات.

– لكن من المؤكد أن ما حدث لا يعني أن الهواتف المحمولة عبارة عن قنابل.

– الأمر كان عملًا تخريبيًا مقصودًا.

– إذا كان هناك عمل استخباراتي يهدف للإيذاء، فيمكن استخدام أي شيء أيضاً آخر غير الهاتف.

واستطرد سعيد: المشكلة ليست في الهاتف المحمول، وإنما في الاستخدام غير السليم أو المقصود للأجهزة. صحيح أن البطارية قد تكون عرضة للخطر أحيانًا، ولكن الاستعمال الصحيح لا يؤدي إلى مشاكل. لذا، من المهم الالتزام بتعليمات الاستخدام الرشيد.

في الحادث الأخير، تم استخدام أجهزة قديمة مثل الـ”بيجرز” لتفادي مخاطر التجسس عبر الأجهزة الحديثة، لكن تبيّن أن هذه الأجهزة القديمة لم توفر أمانًا أفضل من الأجهزة الحديثة.

أحد الدروس المستفادة -وفق سعيد- هو ضرورة استثمار الحكومات في أمن المعلومات، لأنه أصبح عنصرًا حساسًا وأساسيًا في الحروب الحديثة.. مع قدوم تكنولوجيا الجيل الخامس وإنترنت الأشياء، ستكون لدينا أجهزة متصلة بالإنترنت مثل إشارات المرور، الأجهزة الطبية، والأجهزة المنزلية. لذلك، أمن المعلومات أصبح أكثر أهمية وخطورة اليوم وسيزداد في المستقبل، خصوصًا مع تطور التكنولوجيا مثل “Neuralink” التي تتحدث عن ربط الدماغ البشري بالتكنولوجيا.

معلومات مغلوطة

من جانبه، أوضح المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية، الدكتور أحمد بانافع، في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أنه في ظل الجدل الذي أثير حول الهواتف والأجهزة المحمولة بعد تفجيرات لبنان الأخيرة وانتشار معلومات مغلوطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من المهم توضيح الأمور المتعلقة بمخاوف السلامة.

– الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة ليست “قنابل” بالمعنى الحرفي، ولكن يمكن أن تكون هناك حالات نادرة من حدوث مشاكل تتعلق بسلامة البطارية، وهي غالباً ما تتعلق ببطاريات الليثيوم أيون المستخدمة في معظم الأجهزة.

– هذه البطاريات تعتبر آمنة في العادة، ولكن عند تعرضها لظروف قاسية مثل السخونة المفرطة أو التلف الميكانيكي، قد تتعرض لخطر الانفجار أو الاشتعال.

– التحذيرات التي تنتشر على الإنترنت بشأن الهواتف قد تُبالغ في بعض الأحيان، وتُستغل لتأجيج المخاوف بدون استناد إلى حقائق علمية.. من المهم تفادي الاعتماد على مصادر غير موثوقة واللجوء إلى المعلومات من جهات مختصة في مجال التكنولوجيا والأمان.

– الهواتف الذكية مصممة للاستخدام اليومي، وهي ليست تحتوي على مواد متفجرة أو مكونات يمكن أن تؤدي إلى انفجار ذاتي. البطاريات الموجودة في الهواتف مصممة بعناية لتجنب حدوث أي انفجارات، وهي تخضع لاختبارات صارمة قبل طرحها في السوق.

– صحيح أن هناك حالات انفجار للهواتف الذكية، ولكن هذه الحالات نادرة جدًا وعادة ما تكون ناتجة عن عيوب تصنيعية أو سوء استخدام. مثل استخدام شواحن غير أصلية أو تعريض الهاتف لدرجات حرارة عالية جدًا.

وأفاد بأن الجدل الذي دار بعد تفجيرات لبنان الأخيرة كان مبنيًا على معلومات مغلوطة وأخبار كاذبة انتشرت بسرعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. هذه الأخبار أثارت حالة من الهلع والخوف لدى الكثيرين.

وفي السياق، شدد على أنه من الضروري جدًا التحقق من صحة أي معلومات قبل مشاركتها أو تصديقها. كما يجب الاعتماد على مصادر موثوقة مثل وسائل الإعلام الرسمية والخبراء في المجال.

– يجب التعامل مع الهاتف بحذر وتجنب تعريضه لأي صدمات أو حرارة عالية.. استخدام شواحن أصلية والحفاظ على الهاتف نظيفًا يساهم في إطالة عمره وسلامته.

– يجب تجاهل الشائعات والأخبار الكاذبة التي تهدف إلى إثارة البلبلة والخوف.

– يجب على الجميع تطوير مهاراتهم في التثقيف الرقمي والتعرف على كيفية تمييز الأخبار الحقيقية عن المزيفة.

وقال بانافع إن الهواتف الذكية جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وهي أدوات مفيدة للغاية. ولكن مثل أي جهاز إلكتروني آخر، يجب استخدامها بحذر والتعامل معها بشكل صحيح. يجب علينا جميعًا أن نكون حذرين من المعلومات المغلوطة وأن نعتمد على المصادر الموثوقة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button