سيناريوهات ما بعد استقالة بيني جانتس ومصير حكومة نتنياهو
أثارت استقالة الوزير في حكومة الحرب الإسرائيلية، بيني جانتس، من الحكومة، حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل الحكومة، وانعكاس هذا على حرب غزة، وما إن كانت ستضطر إسرائيل للذهاب لانتخابات مبكرة.
وتنوعت توقعات سياسيين وأكاديميين إسرائيليين حول القادم، ما بين أن الحكومة لن تتأثر بالاستقالة، خاصة إذا حافظت على نوابها في الكنيست، أو نهاية حكومة الحرب، أو اضطرار رئيس وزرائها، بنيامين نتنياهو، لعقد صفقة مع حركة حماس.
وللحكومة الحالية 64 نائبا في الكنيست يحققون لها أغلبية بسيطة من أصل 120 نائبا، ما دفع لتوقعات بأن غانتس قد يلجأ لاستمالة بعضهم إلى موقفه لإنهاء هذه الأغلبية، وسحب الثقة من نتنياهو، والذهاب إلى انتخابات مبكرة.
مبررات بيني جانتس
أعلن الوزير بيني جانتس ، الأحد، استقالته من حكومة الحرب، لتنسحب بذلك القوة الوحيدة التي تنتمي لتيار الوسط في الائتلاف اليميني الذي يقوده نتنياهو.
وقال جانتس في مؤتمر صحفي: “ننسحب من هذه الحكومة لأن نتنياهو يمنعنا من التقدم نحو تحقيق النصر الحقيقي في الحرب”.
وعن عمله المقبل، قال إنه سيعود إلى صفوف المعارضة وسيدعم أي قرار مسؤول، داعيا إلى إجراء انتخابات مبكرة، بقوله: “يجب أن تجرى انتخابات تؤدي في نهاية المطاف إلى تشكيل حكومة تحظى بثقة الشعب”.
وكان نتنياهو قد ناشد، الأحد، غانتس “عدم الانسحاب من المعركة”، وكتب في رسالة عبر منصة “إكس”: “بيني.. الوقت غير مناسب للانسحاب من المعركة، إنه وقت توحيد قوانا”.
أما زعيم المعارضة، يائير لابيد، فرحب بالاستقالة قائلا: “لقد حان الوقت لاستبدال هذه الحكومة المتطرفة بحكومة عاقلة تؤدي إلى عودة الأمن لمواطني إسرائيل، وإلى عودة المختطفين”.
مستقبل حكومة الحرب وتحريك الشارع
عن مستقبل الحكومة بعد خطوة غانتس، قال السياسي الإسرائيلي ونائب رئيس بلدية الناصرة السابق، الدكتور سهيل دياب، لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن نتنياهو قد يقدم على حل حكومة الحرب المصغرة، فيما يستمر العمل بالحكومة الحالية.
وأرجع دياب توقعه لحل حكومة الحرب إلى أن نتنياهو حاول التواصل مع أفيغدور ليبرمان وجدعون ساعر، من أجل الانضمام لحكومة الحرب، تحسبا لانسحاب غانتس، لكنه فشل في التوصل لاتفاق معهما.
وتشكلت حكومة الحرب بعد هجوم حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، بهدف “إدارة الحرب”، غير أنها شهدت خلافات بين أعضائها بعد تباين في الآراء حول صعوبة تحقيق أهداف الحرب، وخطة الحكومة لما بعد الحرب.
وفيما يتعلق بتحركات غانتس القادمة، فيقول دياب إن “هناك أحاديث تدور عن اتصالات بينه وبين أطراف داخل حزب الليكود للانقلاب على نتنياهو في الكنيست، وهو أمر ممكن، وموقف وزير الدفاع، يوآف غالانت، سيكون حاسما”.
كذلك لا يستبعد دياب أن ينفذ غانتس قوله بأنه سيعود للمعارضة، وقد يقودها للنزول إلى الشارع للمطالبة باستقالة الحكومة عبر التنسيق مع الأجهزة الاقتصادية والنقابات المهنية.
وعن تأثير هذه التطورات على مسار حرب غزة، توقع دياب أنه من المحتمل أن يذهب نتنياهو إلى صفقة جزئية مع حركة حماس، وإلقاء اللوم على غانتس باتهامه بالتهرب من المسؤولية في وقت حساس بالنسبة للدولة.
لكن الاستمرار في هذه الصفقة سيتوقف على انعكاسها على استطلاعات الرأي، فلو وجد نتنياهو أن أسهمه ترتفع في حال الذهاب نحو انتخابات مبكرة سيكمل الصفقة، لكن لو شعر أنها تراجعت، فسيعود للحرب من جديد، وفق دياب.
أستاذ العلوم السياسية في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، مردخاي كيدار، يرى أن الحكومة تملك أغلبية في الكنيست تكفل لها الاستمرار في عملها.
وعما يُقال بشأن مساعي غانتس للتنسيق مع أعضاء غاضبين في حزب الليكود للانقلاب على نتنياهو، قال إن هذه الأقاويل “حرب نفسية يمارسها غانتس على الليكوديين الذين ربما يميلون لهذا الموقف، لكن لن يقدموا عليه”.
وأوضح كيدار أن نواب حزب الليكود في الكنيست “لا يمكن لأحدهم التغريد خارج سرب الحزب، وإلا سيجدون أنفسهم خارج قوائم الحزب في الانتخابات القادمة، وستكون نهاية حياتهم السياسية”.
أما ما يعتقد الأكاديمي الإسرائيلي أنه يهدد تماسك الحكومة، فهو قانون التجنيد، والخاص بإرغام اليهود الحريديم (طائفة دينية ترفض التجنيد منذ تأسيس إسرائيل في 1948) على الخدمة داخل الجيش.
والسبب في ذلك، وفق كيدار، أنه ما دام أن قانون التجنيد لم يصل للنقاش في الكنيست، فهذه الحكومة ستظل متينة، ولن تفقد أغلبيتها، لكن إن أقرت المحكمة العليا القانون، فقد يفتح هذا بابا لخلاف كبير داخل الحكومة.
وفي نفس الوقت، يعترف كيدار بأن المجتمع الإسرائيلي في العموم “يشهد حالة انقسام عميق، ومن يؤيد موقف نتنياهو سيظل معه على أي حال، ومن يعارضه فلن يقبل أي موقف له”.
وأرجع كيدار استقالة غانتس إلى “أنها جاءت بعد تهميش دوره في حكومة الحرب، ولم يعد مطلعا على كثير من التطورات، ربما في البداية كان وجوده مهما، لكن الآن لم يعد كذلك، كما أن تراجع التأييد له في الفترة الأخيرة أحد الأسباب التي دفعته للانسحاب”.