من القمح والشعير.. مبادرة لإنشاء متحف مصري يعرض ويقدم خبز المصريين القدماء
يعد الخبز واحدا من أهم أنواع الغذاء على مستوى العالم وعلى مر التاريخ، فمنذ آلاف السنين استخدم الإنسان الحبوب وقام بطحنها لصناعة الخبز، والذي كان يعد وجبة الطعام الأساسية في حد ذاته لدى شعوب عديدة على وجه الأرض.
خبز أثري في المتاحف المصرية
وقد تدهش لدى زيارة عدة متاحف مصرية عندما ترى بأم عينيك أنواعا عديدة من الخبز والمخبوزات باقية إلى يومنا هذا بعد مرور آلاف السنين على خبزها، حيث تم العثور عليها داخل مقابر ملكية أثرية من عصور قديمة، وتُعرض اليوم في المتاحف، مثل المتحف المصري في التحرير، ومتحف الحضارة المصرية بالفسطاط.
ولقيمة الخبز، أو “العيش” كما يطلق عليه في مصر، نادى أحد الأثريين المصريين بمبادرة لإنشاء متحف للخبز المصري، يركز على تاريخ الخبز في مصر ويعرض لمراحله وأنواعه المختلفة.
المصريون أول من زرع وطحن لعمل الخبز
يقول صاحب المبادرة مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة السياحة والآثار المصرية للعربية.نت والحدث.نت، إن أول من زرع وطحن حبوب القمح والشعير ليكوّن خبزاً كما هو متعارف عليه هم المصريون القدماء، حيث كانت الظروف الجوية مهيأة لزراعة الحبوب في حوض النيل، فكانت زراعة القمح في توقيت شهر يوليو من كل عام في وقت الفيضان، حتى أصبحت مصر في عهد الإمبراطورية الرومانية سلة غلال العالم القديم، حيث كانت مصر هي الأكثر إنتاجا للحبوب وخاصة القمح.
أول من اكتشف الخميرة وطحن القمح
ويضيف صاحب المبادرة بأن رغيف الخـبز الذي نعرفه اليوم يعود إلى مصر القديمة، وعُرف منذ زمن طويل بـ”العـيش” في مصر، خلافاً لبلاد العالم حيث يسمى “الخبز”. وكان الرغـيف المصنوع من حبوب الغلال آنذاك هو الطعام الأساسي لدى المصريين.
ويضيف الخبير الأثري أن بعض الوثائق تثبت أن المصريين كانوا أول من اكتشف الخمـيرة في الألف الرابع قبل الميلاد وطحنوا القمح في نفس الفترة.
خبز مختلف لكل طبقة اجتماعية
ويقول الدكتور مجدي شاكر إنه منذ ذلك العصر دخل الخــبز في صميم الطعام المصري القديم وقسّم الناس إلى فئات: أغنياء يأكلون خبز دقيق القمح، ومتوسـطو الحال يأكلون خبز الشعير، وفقراء يتناولون خبزاً أحمر يُصنع من دقيق حبوب برية.
أول من صنع “الرحاية”
ويؤكد الخبير الأثري صاحب المبادرة أن المصريين أقدم أمة صنعت الخبز وأقامت أقدم مطاحن للحبوب تعود إلى أكثر من خمسة آلاف سنة من خلال آلة حجرية بدائية وهي “الرحاية” التي عرفها العالم أجمع نقلا عن المصريين، واستخدمت على مدار سنوات طويلة حتى وقت قريب لطحن الحبوب.
15 نوعا من الخبز في الدولة القديمة
ويؤكد صاحب المبادرة: “إننا نحصي ما يقرب من خمسة عشر نوعًا من الخبز خلال الدولة القديمة، ولكن بمرور الزمن ووصولا إلى الدولة الحديثة تزداد تلك الأنواع حتى تصل إلى ما يقرب من أربعين نوعًا من الخبز والمخبوزات المتنوعة، التي اختلفت أشكالها ما بين المستدير والبيضاوي والملفوف والمخروطي الشكل، كذلك اختلفت أنواع الدقيق المستخدم في تلك الصناعة ما بين القمح والشعير والذرة، وأيضا المواد الأخرى الداخلة في صناعة الخبز مثل الزبد واللبن والعسل والبيض، ولذا اختلفت أشكال الخبز والفطائر بعضها عن بعض ، وبالتأكيد كما اختلفت في مظهرها اختلفت أيضا في مذاقها.
مبادرة لإنشاء متحف مصري للخبز
ويقول مجدي شاكر إنه “من أجل كل ذلك نطلق مبادرة لإنشاء متحف مصري أو تخصيص قاعة في المتحف المصري أو متحف الحضارة، يكون خاص بـ”العيش” يوثق ويحكي رحلة عمل الخبز من مرحلة زراعة حبوب القمح، حتى الطحن، وأنواع الخبز وشرح كل نوع من أنواعه وما كان يدخل في المراسم الدينية، والتي نملك لها الكثير من المناظر و”الماكتتات” الأثرية التي تصور تلك المراحل”.
وأيضا يتم عرض أنواع الخبز المختلفة التي عُثر عليها في المقابر، وأهم النصوص السياسية والأدبية والدينية التي ورد فيها الخبز وكل ما يتعلق بصناعته في مصر القديمة.
ويقول صاحب المبادرة إن هذا المتحف يمكن أن يُلحق به مخبز يقدم أنواعا مختلفة من الخبز المصري القديم بحسب وصفاته المدونة في برديات أو جداريات قديمة، ليُقدم للزوار.