سمير البسيوني يكتب: إيران تسقط في “فخ” اسرائيلي.. فلسطين تخسر وتل أبيب تكسب التعاطف الدولي و26 مليار دولار

لا شك أن ما نراه اليوم علي الساحة السياسة ، أحداث تستدعي الكثير من علامات الاستفهام ، فحين ننظر إلي ما قامت به إيران تجاه الحكومة الصهيونية بعد إطلاقها صواريخ لا طائل من ورائها ، ندرك جيداً أن طهران وقعت في فخ تم تجهيزه بعناية فائقة ، فما فعلته إيران كان مجرد إطلاق صواريخ بدون تخطيط أو هدف ، ولم تصب أي من الأهداف ولم تحدث أي خسائر تذكر في الحكومة الصهيونية، إلا أنه علي الجانب الآخر استفادت الحكومة الصهيونية أيما استفادة مما قامت به إيران ، فبعدما كانت الحكومة الصهيونية مكشوفة للعالم كله وبعدما ظهرت نواياها للجميع ، أعادت لهم إيران إحساس بعض دول العالم بالتعاطف والشفقة.

فقد تمكنت الحكومة الصهيونية من تحويل رؤية العالم لها بسبب حرب الإبادة التي تشنها ضد فلسطين وتم تحويل معظم الأخبار والتوجهات والمناقشات السياسية إلي الحديث عن إيران كونها قوة الشر ومصدر التهديد للإنسانية وبذلك كسبت الحكومة الصهيونية من التحرك الإيراني الغير محسوب والمنعدم من الرؤية بعيدة المدي.

بنيامين ننتياهو يستفيد من الهجوم الإيراني

وإذا نظرنا أيضا إلي مكاسب الحكومة الصهيونية بشكل عام يمكن أن نري أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين ننتياهو قد استفاد هو الآخر مما فعلته إيران، ففي الوقت الذى كان يقف فيه أهالي الأسري المحتجزين لدي حماس أمام منزله منددين بسياسة نتنياهو تجاه فلسطين وإهماله في تحرير الأسري من جهة واتهامه وسط الأوساط السياسية بالفساد وملاحقة تهم قضائية له ولزوجته من جهة أخري ، خرج نتنياهو أيضاً بعد ضربات إيران للحكومة الصهيونية بمكاسب من خلال تحويل دفة الاتهام تجاهه إلي تعاطف معه وتضامن البعض معه من أهالي الأسري لترك الساحة خالية أمامه ليرد علي الهجوم الإيراني ويدافع عن الحكومة الصهيونية .

كيف دعمت اسرائيل حركة حماس؟

ولا شك أن الحكومة الصهيونية كانت تخطط منذ اليوم الأول لعهد نتنياهو ، لتدمير غزة والسيطرة علي كامل القطاع وقد بدأتها تل أبيب بتطبيق سياسة ” فرق تسد” حيث قامت بتقديم دعم إلي حماس وأنشأت الخلاف بين الفلسطينيين لتجعلها أحزاب وجبهات وحركات مسلحة تحارب بعضها البعض بعدما نجحت الدولة العبرية في زرع بذور الفتنة بين الشعب الفلسطيني.

26 مليار دولار لإسرائيل بسبب الهجوم الإيراني

اسرائيل تردد دائما أنها مرعوبة من إيران وتردد في الأوساط السياسية ووسائل الإعلام في امريكا أن ايران تريد أن تمحوهم من علي خريطة العالم وهذه هي طريقتهم التي يكسبون بها التعاطف من امريكا واوربا، وينجحوا في ذلك.

فقبل الهجوم الإيراني كانت أصوات السياسيين في أمريكا ضد منح الدولة الصهيونية أي تبرعات أو دعم، لكن بعدما هاجمت إيران الدولة الصهيونية وافق مجلس النواب الأميركي علي تقديم مساعدات أمنية لإسرائيل بقيمة 26 مليار دولار، حتي إن رئيس الوزراء الإسرائيلي ، بنيامين نتنياهو اعتبر أن الموافقة بمثابة “دفاع عن الحضارة الغربية”.

وكتب نتنياهو على منصة “إكس”، أن “الكونجرس الأميركي تبنى بغالبية ساحقة مشروع قانون مساعدة مقدرا جدا، يعكس دعما ثنائيا قويا لإسرائيل ويدافع عن الحضارة الغربية. شكرا لاصدقائنا، شكرا لأميركا”.

ورحب وزير الخارجية الإسرائيلي ، يسرائيل كاتس بالتصويت، وكتب على “إكس” إن هذا التصويت “يثبت العلاقات الوثيقة والشراكة الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة، ويوجه رسالة قوية لأعدائنا”.

دعوة للتعلم من اللوبي الصهيوني

أري ضرورة أن يتحد العالم العربي والعالم الإسلامي ضد سياسات الحكومة الصهيونية وأن يفكروا بنفس طريقة تفكيرهم، لأن اللوبي الصهيوني والجاليات اليهودية في الولايات المتحدة تتمتع بقوة ونفوذ غير طبيعي ، مع أن عددهم في أمريكا أقل من 6 مليون نسمة من بين تعداد 400 مليون أمريكي وهي نسب قليلة جداً لكن مع ذلك يمتلكون نفوذ كبير جداً  يبدأ من السيطرة علي الاقتصاد ووسائل الإعلام والصحف حتي دور السينما وصناعة الأفلام، والمراجع العلمية في الجامعات، حتي إن أمريكا منحت الجاليات الصهيونية الضوء الأخضر في مساعدة اسرائيل.

علاقة أمريكا بالأمه العربية والإسلامية علي خير ما يرام قبل إنشاء إسرائيل

تدعي اسرائيل دائما أن وجودها في الشرق الأوسط مرهون بمساندة أمريكا لها، وهذا إدعاء كاذب علي غير الحقيقة وعكس الواقع تماماً، لأن أمريكا حتي قبل وجود الدولة الصهيونية من الأساس فإن علاقتها بالأمه العربية والإسلامية والشرق الأوسط كانت علي خير ما يرام ولا ننسي دور السعودية في دعم الدولار الأمريكي ومساندة الاقتصاد الأمريكي، كما أن العالم العربي قبل أن يتم إنشاء اسرائيل يساندون امريكا علي بناء اقتصادها علي مستوي العالم.

مقال بقلم:

سمير البسيوني

‏ أول عمدة مصري منتخب في تاريخ أمريكا

عُمْدَة مدينة واشنطن تاون بولاية نيوجيرسى السابق ورئيس مجلس إدارة جريدة التأشيرة