أصدرت الدار المصرية اللبنانية السيرة الذاتية للجراح المصري الشهير مجدي يعقوب تحت عنوان “مذكرات مجدي يعقوب.. جرَّاح خارج السرب”.
وهو بحسب مقدمة السيدة ماري آرتشر للكتاب عبقري، مغامر، طبيب ملهِم، جرَّاح قلب رائد، عالم صاحب ريادة في الطب الحيوي، صديق رؤساء وملوك ووزراء وفقراء وبائسين، حاصل على قالدة النيل، وزميل للجمعية الملكية، وحاصل على وسام الاستحقاق، وهو على رأس ذلك كله ذو أعمال إنسانية عظيمة.
الكتاب يحكي سيرة رجل متواضع عظيم، عاش يراكم المعرفة مثلما عاش كثير من الناس غيره يراكمون الثروة. هو طبيب يُعلي قيمة المجتمع، ويؤمن بالنضال من أجل عالم أكثر إنصافًا. والدكتور مجدي يعقوب هو من بعض الأوجه مثلك ومثلي. فهو محب لأسرته، يطيب له أن يجتمع هو وأصدقاؤه على طعام، وكثيرًا ما يستمع إلى الموسيقى، وبخاصَّة الكلاسيكية، ويزرع الورد في قطعة أرض عنده، وفي نفسه ولع خفي بالسيارات السريعة، ولو أن أسرته تشكِّك في ثقته الراسخة بمهاراته في قيادتها.
لعله من أوجه أخرى ليس مثلك أو مثلي في كثير أو قليل. فهو لا يلزمه من الراحة
إلا النزر اليسير، ويقرأ بسرعة، وحياته مكرَّسة لعمله، وها هو بعد أن بلغ من العمر سبعة وثمانين عامًا، لا يزال ظمؤه إلى التعلُّم أي “البحث عن الحقيقة من خلال العلم” على حدِّ تعريفه كامل لا يعتريه نقصان. تولَّدت منه أفكار ألهمت أجيال من الأطباء، وحفَّزت على البحث، وأفضت إلى فتوح طبية مهمة. كما أنه أنقذ الكثير من الأنفس. كان من جملة مرضاه أثرياء وذوو سُلطة من الرجال والنساء، وأيضًا بعض أشقى أهل الأرض. ويحاول أن يضمن بقاء عمله طوي بعد أن يرحل هو نفسه عن العالم، والفقراء لا الأثرياء هم شغله الشاغل.
هو البروفيسور السير مجدي يعقوب، الحاصل على وسام الاستحقاق، وزميل الجمعية الملكية. ولد ونشأ في مصر، وفي بريطانيا ذاعت شهرته في جراحة القلب. زوجته ألمانية، ويعمل أبناؤه الثلاثة في مدن: هوشي منه، ولشبونة، ولندن، أما هو نفسه فرجل عالمي، عمل في بلاد كثيرة، وإن بقيت مصر دائمًا في قلبه.
هذه هي سيرته، وقصة حياته مثلما يحكيها، وقصة الذين عمل معهم وتركوا فيه أثرًا.
قصة يرجو أن تُلهم غيره فيسيروا على دربه.
ويقدم للسيرة الدكتور محمد أحمد غنيم رائد زراعة الكُلى في مصر والعالم مؤكداً أن نشاط الدكتور مجدي يعقوب لم يقتصر على بلده الأم، بل امتدَّ مُتطوعًا لبلادٍ أخرى في إفريقيا، تُعاني من فقر الموارد المادية والبشرية، إسهامًا منه في علاج مرضاهم، وتدريب أطبائهم.
ويضيف أن إنجازات الدكتور مجدي العلمية والعملية في مجال الطب لا تخفى على أحد، وقد استحق عليها أن تمنحه ملكة إنجلترا لقب سير – وهو شرف عظيم يتطلع إليه الكثيرون – لكن هذا كله يتضاءل بجانب تفانيه في عمله بإنسانيةٍ رفيعة، مع سمو الاستغناء، وبساطة العيش لجلب سعادة الشفاء للكثيرين، مؤكداً أن مَنْ يقرأ هذا الكتاب أن يتخذ من سيرة وحياة السير مجدي يعقوب نموذجًا يُحتذى، وقدوة يُنتفع بها، خاصة في عالمٍ طغت فيه المادة، وتراجعت منه القيم.
من جهته يقول الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الإسكندرية السابق في تقديم آخر للكتاب إن ملك القلوب كما أسمته الأميرة ديانا ذات يومٍ، هو أيقونة إنسانية نعتز بها جميعًا، ونرى أن سيرته الذاتية هي ذخيرة أكاديمية وأخلاقية للأجيال القادمة.
الكتاب ألفه اثنان من أبرع صحفيي “التايمز”، هما سيمون بيرسن وفيونا جورمان، حيث أجريا حوارات مطولة مع يعقوب، واستمر عملهما المخلص والدؤوب نحو ثلاث سنوات، حتى أنهيا الكتاب، لتصدر نسخته الإنجليزية عن الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وبرعاية من مكتبة الإسكندرية.
وقد وقع اختيار مؤسسة مجدي يعقوب على الدار المصرية اللبنانية من بين عدة دور مصرية شهيرة لإصدار الكتاب باللغة العربية، لتبدأ الدار رحلتها في البحث عن مترجم، ويستقر اختيارها على المترجم المصري البارع أحمد شافعي الذي نقل إلى العربية أعمالاً شديدة الأهمية بلغة راقية.
يقول شافعي: “اعتبرت الكتاب فرصة سنحت أمامي لأقول شكراً لمجدي يعقوب، وأظن أن مائة مليون مصري يريدون أن يوجهوا شكراً مماثلاً. هذا رجل كان بوسعه أن ينعم بتقاعد مريح في أي مكان في العالم، وكان بوسعه أن يكمل حياته المهنية محققاً ثروات يلهث وراءها غيره، لكنه قرر أن يكمل هذه المسيرة هنا، في مصر، وأن يهبنا سنين من عمره، ولذلك أنا ممتن لهذا الكتاب الذي جعلني أعيش مع مجدي يعقوب شهوراً من الجمال”.