يأتي عيد الفصح على مسيحيّي قطاع غزة (الذين يعتمدون التقويم الغربي)، في ظل الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع للشهر السادس، ووسط ظروف قاسية وحزينة، وعادة كان المسيحيون في غزة قبل الحرب، يستقبلون العيد بفرح وضحكات وزيارات ومظاهر احتفالية.
وكانت الهيئة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس في الأراضي المقدسة، قد ألغت الاحتفالات والمسيرات الكشفية، واقتصر الاحتفال بالعيد في كنيسة العائلة المقدسة في دير اللاتين في مدينة غزة، على الشعائر الدينية وأداء الصلوات فقط، تضامنا مع العائلات التي فقدت أبناءها بسبب القصف الإسرائيلي.
ويقول مدير إيواء كنيسة دير اللاتين، جورج أنطون، لوكالة “سبوتنيك”: “هذا العيد لا يوجد أجواء احتفالية، والعيد مقتصر فقط على الصلاة داخل الكنيسة، وكانت الأجواء قبل الحرب مختلفة، فقد كان أبناء الطائفة المسيحية يجتمعون على عشاء الفصح، وسط مظاهر احتفال”.
ويضيف: “ما زلنا نواجه الحرب، ونصلي لكي تنتهي قريباً، لأننا شعب نستحق أن نعيش بكرامة وأن يكون لنا دولتنا المستقلة”.
وبدت مظاهر الحزن على وجوه الحاضرين في كنيسة دير اللاتين، وسط أمل بأن يعم السلام في العام القادم وتُقام الاحتفالات الطبيعية بالأعياد، وتقول الأخت نبيلة صالح: “هذا العيد يختلف تماما، لأننا نعيش أصعب ظروف تمر على قطاع غزة، لذلك اقتصر العيد على صلوات وطقوس”.
وفي 16 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قتلت مواطنة وابنتها، وأصيب 7 آخرون، برصاص قناصة الجيش الإسرائيلي داخل باحة كنيسة العائلة المقدسة للاتين في غزة، وقتل عدد من المرضى وكبار السن جراء نقص الأدوية وعدم القدرة على الوصول إلى المستشفيات التي طالها القصف والحصار الإسرائيلي، وفي كنيسة دير اللاتين، التي لم يطالها القصف خلال الحرب، يعيش نحو ستمئة مسيحي نزحوا إليها بحثاً عن الإيواء والأمان، إلا أنهم يفتقدون الطعام والشراب ويعانون جراء نقص الأدوية والعلاجات، وقد قاموا بالصلاة والدعاء وبعضاً من طقوس الفرح وسط الحزن الذي يعيشونه.
ويقول النازح موسى عياد، “لسبوتنيك”: ” لقد نزحنا منذ بداية الحرب بعد 7 أكتوبر/ تشؤين الأول الماضي، وعشنا ظروف النزوح والتنقل وسط القصف الكثيف، ويأتي العيد هذا العام على رائحة البارود ودمار بيوتنا وأشلاء القتلى الجرحى، وافتقدنا في هذا العيد، للاحتفال ولفة السوق، وكسوة العيد، وطعام ولمة العيد والزيارات”.
ويضيف: “فقدنا خلال الحرب أقارب وأصدقاء، بين قتيل وجريح، واليوم نحتفل وفي القلب جرح، وكذلك آمل أن يحل السلام على أرض السلام”.
ويعاني المسيحيون في قطاع غزة الويلات، حالهم حال جميع أهالي القطاع، ولا يتجاوز عددهم 1100 شخص ينتمون إلى طائفتي الروم الأرثوذكس والكاثوليك، وخلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة للشهر السادس، دمر الجيش الإسرائيلي 3 كنائس يعود بناء بعضها لأكثر من ألف عام، بحسب ما أفاد بيان صدر عن المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع.
ويواصل الجيش الإسرائيلي قصف القطاع للشهر السادس، وأثار أزمة إنسانية كارثية بحسب الأمم المتحدة، حيث دمر أحياء بكاملها، وتسبّب بنزوح 1.7، من أصل 2.4 مليون نسمة، وفي اليوم 179 للحرب على قطاع غزة، ارتفع عدد القتلى إلى 32,845، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، والإصابات إلى 75,392.
وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول، شنّ مقاتلون من “حماس” هجوماً على جنوب إسرائيل أدى لمقتل 1200 إسرائيلي، وفقا لبيانات إسرائيلية رسمية، ورداً على هجوم حماس، تعهدت إسرائيل بـ”القضاء” على الحركة، وتقول إسرائيل إن 130 أسيراً ما زالوا محتجزين في غزة، بينهم 30 ماتوا، من إجمالي 250 شخصاً خطفوا في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.