حذّرت مصر من «استمرار تأزم الأوضاع الإنسانية الكارثية في القطاع». وجددت رفضها أي «سيناريوهات تستهدف التهجير القسري للفلسطينيين»، و«تصفية القضية الفلسطينية»، وكذا «أي اجتياح لمدينة رفح الفلسطينية». جاء ذلك خلال مباحثات وزير الخارجية المصري سامح شكري، مع وزير خارجية سنغافورة فيفيان بالاكريشنان، في القاهرة، (السبت).
والخميس الماضي، حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، من العواقب الخطرة لأي عملية عسكرية تنفذها إسرائيل في رفح بجنوب غزة، كما أكد ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في القطاع. وحذّرت مصر أكثر من مرة من خطورة إقدام إسرائيل على تنفيذ عملية عسكرية برية في مدينة رفح التي يتكدس فيها نحو 1.5 مليون فلسطيني، معظمهم نزحوا إلى المدينة الملاصقة للحدود المصرية؛ نتيجة استمرار الاستهداف الإسرائيلي المتواصل لجميع مناطق القطاع على مدى الأشهر الستة الماضية، مؤكدة أن عواقب ذلك «ستكون وخيمة».
ووفق إفادة للمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، (السبت)، فإن لقاء الوزير شكري وزير خارجية سنغافورة تطرّق بشكل مفصل إلى عدد من القضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها الحرب الجارية في قطاع غزة، حيث تناول الوزيران «سبل دفع جهود التهدئة وصولاً إلى وقف دائم لإطلاق النار». وحرص الوزير السنغافوري على الاستماع لتقديرات وزير الخارجية المصري بشأن مستجدات الأوضاع في قطاع غزة، والكارثة الإنسانية التي يعيشها قطاع سكان القطاع منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب، والجهود التي تبذلها مصر لتيسير نفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وكذلك الوساطة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وتسابق الجهود القطرية والأميركية والمصرية الزمن من أجل التوصّل إلى اتفاق بشأن إقرار هدنة جديدة في قطاع غزة، وبما يحُول دون تنفيذ إسرائيل عملية اجتياح عسكري واسع لمدينة رفح الفلسطينية. وإلى الآن لا تزال جهود إقرار هدنة جديدة في غزة تواجه صعوبات تحُول دون وقف ثانٍ للقتال في أعقاب انتهاء الهدنة الوحيدة نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، التي تم التوصّل إليها بوساطة قطرية وأميركية ومصرية.
وسبق لمصر أن حذّرت من أي إجراءات إسرائيلية تقود إلى تهجير الفلسطينيين إلى أراضيها ستكون بمثابة «تهديد جدي وخطر» لاتفاقية السلام بين البلدين، الموقّعة منذ عام 1979.
كما شملت محادثات شكري ووزير خارجية سنغافورة تداعيات الأزمة الراهنة على أمن البحر الأحمر، وما ترتب عليها من تهديدات جسيمة لحركة الملاحة والشحن الدوليَّين، حيث تَوافق الوزيران على «الخطورة البالغة لتفاقم الأوضاع على النحو الذي نشهده في الوقت الراهن، لما لذلك من تداعيات سلبية على الاقتصاد المصري وأمن الإقليم واستقراره، فضلاً عن تبعات هذه الأزمة على الاقتصاد العالمي كله». وأكد وزير خارجية سنغافورة أن «تدفق الملاحة بشكل آمن ومستدام في قناة السويس يُعد مصلحة عليا لبلاده»، بوصفها تمثل الوسيلة المثلى لنقل التجارة الخاصة لبلاده إلى أوروبا. واتفق الوزيران على «أهمية الحفاظ على وتيرة التواصل في متابعة برامج ومقترحات التعاون الثنائية، وتكثيف التشاور حول القضايا الإقليمية والدولية محل اهتمام البلدين».
وفي سياق آخر، تناول لقاء وزيرَي خارجية مصر وسنغافورة في القاهرة، العلاقات الثنائية المتميزة التي تجمع مصر وسنغافورة، وما شهدته من تطور ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، حيث تَوافق الوزيران على «أهمية الحفاظ على وتيرة هذا التطور الإيجابي بما يعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين».
وبينما أكد شكري «اهتمام مصر البالغ بتعظيم استفادة الشركات السنغافورية من الفرص الاستثمارية في مصر، خصوصاً المشروعات الكبرى مثل محور تنمية قناة السويس وما يتضمنه من فرص استثمارية هائلة، تشمل عديداً من الأنشطة اللوجيستية، وإدارة الموانئ، وتجارة الترانزيت، التي تحظى بها سنغافورة بمزايا نسبية كبيرة». أشاد وزير خارجية سنغافورة بالتعاون مع مصر، معرباً عن حرص بلاده على «تعزيز التبادل التجاري بين البلدين والاستثمارات السنغافورية في مصر، بما يعكس الإمكانات الهائلة المتاحة للتوسع في التعاون الاقتصادي بما يحقق مصالح البلدين». وناقش الوزيران مقترح «إنشاء مجلس أعمال مشترك لدعم ورعاية التعاون بين ممثلي القطاع الخاص في البلدين».