سياحة وأثار

تبة هارون.. إطلالة على وادي الراحة الذى مكث فيها بنو إسرائيل في رحلة خروجهم من مصر

صوت المصريين - The voice of Egyptians
أوضح الدكتور جمال مصطفى، نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بوزارة السياحة والآثار، حول الأهمية التاريخية والتراثية لمدينة سانت كاترين، وكذا أهمية “تبة هارون” أو “شاهد رؤية هارون” المُسجّلة على قائمة الآثار الإسلامية في مصر.
وأضاف أنه منذ قُرابة 4 آلاف سنة وحتى عام 2002، تحافظ مصر من خلال حكوماتها المتتالية على هذا المكان كتراث إنساني ملك للعالم، مضيفًا أنه فى عام 2002م تم تسجيل منطقة سانت كاترين على قائمة التراث الثقافي العالمي وأحد المعايير التي سجل عليها الموقع هو المعيار السادس الخاص بالممتلكات المرتبطة بأحداث تاريخية هامة أو أشخاص أو عقائد أو فلسفة على أن يكون مقترنا على نحو مباشر أو ملموس بأحداث أو تقاليد حية أو بمعتقدات أو بمصنفات فنية أو أدبية ذات أهمية عالمية بارزة، أو الممتلكات المرتبطة بفهم شخصيات تاريخية أو أحداث أو ديانات أو أشخاص لها استثنائية وهي حدث التجلى الأعظم وتلقى الألواح والمناجاة، وشمل ملف التسجيل جبل موسى وشجرة العُليقة والدير الاثري، مشيرًا إلى أنه يوجد لجنة علمية تابعة للمنظمة الدولية تراجع ملفات التسجيل مراجعة دقيقة وتستند إلى حقائق تاريخية موثقة تضم توثيق التجلي الاعظم وما له من قيمة استثنائية عالمية كمدينة مقدسة لها قيمة عالمية استثنائية.
وقال “مصطفى” إن “تبة هارون” تُطل على وادي الراحة التي مكث فيها بنو إسرائيل في رحلة خروجهم من مصر، مؤكدًا أن المجلس الأعلى للآثار أثبت بالدلائل العلمية الموثقة مسألة خروج اليهود من مصر، مشيرًا إلى أن هناك خريطة مُحددة وفقا للمصادر التي تم الاستناد إليها في هذا المشروع، وتتضمن دلائل من الكُتُب السماوية، خاصة العهد القديم.
وأوضح أن المجلس الأعلى للآثار اعتمد أيضًا في هذه المسألة على نتائج بعثات الحفائر العلمية التي تعمل في سيناء، وبلغت نحو 11 بعثة مصرية، بالإضافة الى 3 بعثات من دول صديقة( فرنسية، والمانية، وكندية)، وذلك ضمن جهود المجلس الأعلى للآثار في البحث العلمي والتنقيب، بالتعاون مع الجهات العلمية الأخرى، وتتمثل في وزارة البيئة، التي تملك قانونا قويا جداً لحماية المحميات الطبيعية بالمكان، ووزارة التنمية المحلية، وكذا الجامعات، فيما يخص الجيولوجيا والأنثربولوجيا، حيث ثبت أن خروج اليهود من مصر كان من بحر خليج السويس، مؤكدًا أن هناك دراسة جيولوجية في إحدى الجامعات المصرية بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار، تثبت حقيقة “الفلق” الذي حدث في خليج السويس، وستنتهي الدراسة نهاية العام وسيتم الإعلان عن كافة نتائجها.
واستطرد نائب الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار: لدينا الكثير من الأدلة التي نحتفظ بها، في هذا الصدد، مشيرًا إلى أن عيون موسى، وبها دليلٌ دامغ أيضًا، حيث أنه وفقاً للروايات الدينية فإن هناك 12 عيناً، كنا قد كشفنا 8 عيون منها، حتى السنة قبل الماضية، وتم خلال العام الماضي والحالي اكتشاف العيون الأربعة الأخرى.
وتابع:والدليل الثالث هو شجرة العُليقة، الموجودة في الدير، وهي الشجرة الوحيدة التي لا تنبت في غير مكانها، وقد أجريت عليها أبحاث كثيرة وتم اخذ شتلات منها من أجل زراعتها في أماكن أخرى، واستُحيل ذلك، وما بعدها هو جبل موسى، مؤكداً أن سيدنا موسى عليه السلام ولد في مصر، وعاش في مصر، ومات ودفن في مصر، وكانت رحلته كلها داخل مصر.
وأضاف: عندما وصل إلى هُنا، وجد شجرة العليقة ملتهبة، فذهب لاستكشافها وإيجاد شيئ يفيده، أو أن يجد نيرانا للتدفئة، وعندما وصل هناك، كانت هنا النبوة؛ ففي هذه اللحظة نزل الملك على سيدنا موسى وكلفه بأن يذهب إلى فرعون، وبدأ من ذلك التكليف كنبي؛ حيث عاد إلى مصر ومكث مع أهله بها ورأى الاضطهاد ثم عرض على فرعون أن ينتهي عن عبادة الأوثان ولكن ازداد فرعون طغيانًا، فاضطر موسى أن يأخذ قومه ويرحل.
وأضاف: وأثناء رحيله، تجنب سيدنا موسى طريق الشمال -حيث توجد الجنود ويوجد 11 قلعة مكتشَفة بالطريق الشمالي الحربي، وما بين كل قلعة وقلعة هناك مراقب أمنية وعسكرية- بل تحرك وقومه في اتجاه الساحل، حتى يجد قومه الماء والطعام.
وتابع: بعد انتقاله من الساحل إلى أن وصل الوادي،أراح موسى أهله في ذلك الوادي، لذلك تمت تسميته بوادي الراحة، ثم صعد إلى الجبل، ولكن لم يكن صعوده للجبل من هذا المكان بل من الجزء الذي يوجد به الدير، وصعد موسى إلى أعلى الجبل وتسلم الشريعة، وأُطلق على جبل موسى جبل الشريعة، وتمثلت تلك الشريعة في لوحتين تضم الوصايا العشر لبني إسرائيل، استلمها موسى وكان صائمًا، وقد حدثه الله، ففطر، تجنبا لرائحة الفم أثناء الصيام، ولكن فرض الله عليه 10 أيام أخرى، فبقى 40 يومًا فوق سطح الجبل، وخلال الـ 40 يومًا خرج أهله الموجودون في الوادي عن الملة وعادوا لعبادة الأوثان مرة أخرى، وأكد أن ما يهمنا في الحدث أنهم استقروا هنا لمدة 40 يومًا ثم انتقلوا.
وأشار إلى أنه عندما حدّث موسى ربه، في المرة الثانية طمع أن يرى الله، وفقا للطبيعة الإنسانية، فقال الله له: سوف أتجلى لهذا الجبل، وإذا تجليت له وثبت سوف تراني، وبناءً على دُلك دك الجبل وخر موسى صعقا.
وأضاف: تلك قصص قرآنية وموجودة بكتب الإنجيل وتواترت فيما بعد ما بين الأهالي.
كما تطرق إلى دور المجلس الأعلى للأثار في إثبات مسار العائلة المقدسة في مصر الذي شهد لغطًا كبيرًا على مستوى العالم، قائلًا: الحمد لله وفقنا في المجلس الأعلى للآثار لعمل خريطة للمسار اعتمدت من الكنيسة المصرية ومن الفاتيكان.
كما أشار إلى ما قام به المجلس الأعلى للآثار من توثيق قدوم آل البيت إلى مصر من الجزيرة العربية، ورحبت بهم مصر واستضافتهم أحياء، ثم أكرمتهم عند وفاتهم، فأقامت لهم أضرحة في القاهرة القديمة.
وفي غضون ذلك، تحدث الأنبا بافلي بالميلاد اميل، أسقف عام الشباب، مشيرًا إلى أنه انطلاقاً من الكتب القديمة، يُعتبر العهد القديم شديد التوثيق، لأنه يسرد تفاصيل منذ 1500 عام قبل الميلاد، وأضاف أنه يوجد مخطوطات مكتوبة وفقاً للأثريين تتحدث عن هذا المكان، فالبعض كان يرى أن خليج العقبة هو الذي تم منه الخروج، حيث تحدثوا عن شواهد لوجود بعض المركبات الفرعونية بخليج العقبة، لإثبات أن المرور تم بخليج العقبة، وهذا الافتراض غير صحيح، لأن خليج العقبة كان يمر منه بعض المراكب التي تحمل الأسلحة.
وسرد الأنبا بافلي عدة أمور هامة، وهي: أي موضع عبره بنو إسرائيل، وما اسم البحر الذي عبره بنوا إسرائيل، وأين يوجد جبل موسى، حيث أوضح أنه حينما خرج بنوا إسرائيل بأمر من الله وهذا مكتوب في كتاب “الخروج” سنة 1500 قبل الميلاد، لم يتركهم الله في اتجاه فلسطين ناحية الشمال رغم أنها قريبة، والوصول إليها أسهل، وذلك حتى لا يعودوا إلى مصر إذا وجدوا في المكان الجديد حرب، لكن الله أخذهم في مسار آخر، فلم يخرجوا من ناحية الشمال لكن خرجوا من ناحية البحر الأحمر، وهذه الأماكن حالياً هي حول خليج السويس.
وفيما يتعلق باسم البحر الذي عبره بنو إسرائيل، قال: هذه المعجزة العظيمة تمت ولها شهود عيان، حيث سجلت الكتب القديمة وجود حوالي رجال يمشون فيما عدا النساء والأطفال، مما يؤكد أنهم تواجدوا في مكان واسع، وبالتالي فإن هذا العدد لا يمكن أن يسعهم غير هذا المكان الذي نحن متواجدين فيه حالياً، والأغلب أنهم مكثوا في هذا المكان حوالي عام.
وأضاف: “قيل لسيدنا موسى، ارفع انت عصاك، ومد يدك على البحر، وشقه، فيدخل بنو إسرائيل في وسط البحر على اليابس، وقد ورد في الكتاب المقدس ان البحر الأحمر تسمية حديثة، والاسم القديم كان بحر “صوف”، وهي كلمة قبطية مصرية قديمة معناها البوص، وهذا يثبت مكان العبور، وكان النيل عندما يفيض يصل الى البحر، فكان ينمو البوص، وقد ورد اسم بحر “صوف” 24 مرة في العهد القديم، وهذا دليل على مكان العبور، وان العبور تم من خليج السويس، لان المياه العذبة عند وصولها الى البحر ينمو البوص، وهناك استحالة للعبور من منطقة أخرى مثل نويبع، لان هناك سبب جيولوجي، والجبل في هذا المكان ورد اسمه “جبل سيناء”، وقد ورد 17 مرة في كتابات موسى، وهذا الجبل هو جبل موسى او جبل التجلي، هو اكبر دليل أنه عندما تكلم الله كان على هذا الجبل.
وقال الدكتور نظير محمد عياد، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، أنه  يُنظر إلى هذا المكان على أنه الذي عاتب فيه موسى أخاه هارون، عند عودته من لقاء ربه وأخذ الألواح، والقرآن الكريم ينص على هذه الواقعة، وكل ذلك يؤكد رمزية المكان، وملحقات هذا المكان تؤكد بشيء من الجلاء والوضوح أن هذا هو المكان الذي ذكره القران وأكدت عليه نصوص التوراة والإنجيل أيضاً.
ولفت إلى أن السبب الثاني هو الجبل، فعندما نبحث في القرآن الكريم نجد أن كلمة جبل لم يرد ذكرها مُعرفاً إلا عندما تحدث الله عن هذا الجبل، والقران يؤكد أن هذا المكان هو ماورد في النصوص الدينية، بـ “الجبل” أو “الطور”، كما ان السبب الثالث هو أننا حين نستعرض قصة خروج موسى، فإن كُل البراهين العقلية والواقعية تؤكد أن الإنسان إذا ما صدر عنه فعل وأراد أن ينجو من فعله، لابد أن يبحث عن طريق آمن يضمن له سلامة الوصول، وسيدنا موسى عندما امره الرجل الخروج سرا من المدينة، خرج حتى وصل إلى مدين ثم عاد من مدين الى مصر.
وأكد أننا أمام حقيقة، لا ينتابها أدنى شك، وأن تلك الدراسات التي تحاول أن توجِد لنفسها موضعًا في محاولة زعزعة الثابت رغبة منها في شهرة أو ذيوع وانتشار، يأتي النص القاطع دينيًا عندما تجتمع النصوص الدينية في كبرى الرسالات السماوية ثم تتوافق مع الرؤية العلمية لتنفيها، وبالتالي كما يقولون اجتمعت الأدلة العلمية والأدلة النقلية.
وقال الدكتور زاهي حواس إن المصريين القدماء اهتموا بسيناء اهتمامًا بالغًا نظرًا لقيمتها الكبيرة، وأعرب عن سعادته لما يشهده في الوقت الحالي من مشاهد تعمير سيناء من خلال المشروعات القومية المتناغمة مع البيئة والتراث السيناوي، موضحًا أهمية تعمير سيناء، ومؤكدًا على أن الأهمية التاريخية لمصر وسيناء تدفع البعض بادعاء أنهم مساهمون في تاريخها العريق وأنهم أصل الحضارة المصرية القديمة على غير الحقيقة، وكذا ادعاء البعض بأن فرعون موسي ليس مصريًا وهو تدحضه حقائق ما جاء في لوحة “مرينبتاح” المحفوظة في المتحف المصري، والتي يمجد فيها الشاعر المصري القديم في “مرينبتاح” واصفًا إنجازاته، وأن العبرانيين كانوا متواجدين في مصر وخرجوا منها قبل عصر “مرينبتاح”، وليس هناك أي تأكيد علمي على شخصية فرعون موسي، كما تشير كل الدراسات الأثرية والعلمية إلى أن العبرانيين كانوا يقيمون في منطقة الدلتا، وعند خروجهم ذهبوا إلى سيناء، مضيفًا أنه أثريًا “موسي” اسم أصله مصري وأن العبرانيين عاشوا في مصر وعندما خرجوا توجهوا إلى سيناء.
الدكتورة مارى ميساك، أستاذ الفن والآثار فى مصر فى العصر البيزنطى بجامعة حلوان، حيث قامت بالتركيز على القيمة الروحية الفريدة التى يختص بها الوادى المقدس، وأكدت بما لايدع مجالاً للشك أن النبي موسى قد ولد فى مصر وتربى فيها إلى أن بُعث نبيًا لبنى إسرائيل ومات ودُفن فيها، كما أن مصر استقبلت العائلة المقدسة التى احتمت بمصر بعد أن تخفت بسيناء وكانت سبباً فى إنتشار المسيحية بعد ذلك، وتأسيس الرهبنة فى مصر وانتقل الرهبان إلى الأماكن المقدسة طلباً للبركة ومن هذه الأماكن الوادى المقدس طوى بسيناء وبالأخص حول شجرة العُليقة وجبل موسى إلى أن قامت الإمبراطورة هيلانة بزيارة الوادى المقدس، وتأسيس كنيسة صغيرة للرهبان فى القرن الرابع حيث ظهرت الرهبنة المنتظمة، كما قام الأمبراطور جوستنيان ببناء دير بالوادى المقدس فى القرن السادس الميلادى مجاوراً لشجرة العُليقة المقدسة وجبل موسى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى