بدأ كل شيء بعد انتشار فيروس كورونا، أصبح الشخير لا يُطاق ولم تتمكن سيسيليا من النوم.
كانت تدفع شريكها، في محاولة لإقناعه بالتقلب حتى يتوقف عن الشخير، لكن المحاولات باءت بالفشل.
لم تعد المرأة البالغة من العمر 35 عاماً قادرة على التحمل بعد الآن، ومن هنا توصلا إلى قرارهما: لن يناما معاً، وليس في نفس الغرفة.
قالت سيسيليا لبي بي سي من منزلها في لندن، حيث تعيش منذ عامين “لم أستطع التركيز على عملي؛ لقد كنت متعبة طوال اليوم، يمكنك أن تتحمل الأمر لبضع ليالٍ ولكن على المدى الطويل، لن تتمكن من البقاء على قيد الحياة”.
تقول ستيفاني كولير، طبيبة نفسية في مستشفى ماكلين في الولايات المتحدة: يشعر الأزواج بأنهم ينامون بشكل أفضل عندما يكونون بمفردهم، وعادة ما تكون الأسباب تتعلق بالصحة والشخير، أو عدم راحة الساقين، أو المشي أثناء النوم، أو الذهاب إلى الحمام كثيراً لأسباب طبية.
وتقول إن ممارسة “الطلاق أثناء النوم”، أصبحت تحظى بشعبية كبيرة.
وفقاً لدراسة أجرتها الأكاديمية الأمريكية لطب النوم أفاد أكثر من ثلث المشاركين أنهم ينامون أحياناً أو بانتظام في غرف منفصلة
في نهاية العام الماضي، قالت الممثلة الأمريكية الشهيرة كاميرون دياز لبرنامج Lipstick on the Rim podcast إنها وزوجها لا ينامان في نفس الغرفة.
وأضافت “أعتقد أننا بحاجة إلى تقبل فكرة غرف النوم المنفصلة”.
وعلى الرغم من أن هذا التصريح أثار آلاف الردود المتباينة على وسائل التواصل الاجتماعي، وكُتبت فيه مقالات مختلفة في وسائل الإعلام، إلا أن نجمة هوليوود ليست وحدها من تقوم بهذا.
ما أفضل وضع للنوم ليلا؟النوم: شعوب دول الخليج ومصر هم الأكثر حرمانا في العالم العربي
وفقاً لدراسة أجرتها الأكاديمية الأمريكية لطب النوم (AASM) عام 2023، أفاد أكثر من ثلث المشاركين في الولايات المتحدة أنهم ينامون أحياناً أو بانتظام في غرف منفصلة من أجل تحسين جودة النوم.
ويكشف البحث أن هذه الممارسة تكثر في “جيل الألفية” -الجيل الذي يتراوح عمره حالياً بين 28 و42 عاماً تقريباً، حيث أجاب ما يقرب من النصف (43٪) أنهم ينامون منفصلين عن شريكهم.
أما بالنسبة للفئات العمرية الأخرى؛ فيأتي بعده الجيل X -المولودون بين عامي 1965 و1980- بنسبة 33%، ثم الجيل Z -المولودون بين عامي 1997 و2012- بنسبة 28%، وأخيراً جيل طفرة المواليد -المولودون بين عامي 1946 و1964- بنسبة 22%.
على الرغم من أنه من غير المعروف بالضبط السبب وراء إقبال الأجيال الشابة على القيام بذلك، إلا أن هناك بعض الفرضيات: الأولى هي أن الجيل الجديد لا يشعر بأنه من “العار” أن ينام وحده، نظراً للتغير في مستوى الثقافة، فهم يقولون “إذا نمت بشكل أفضل، سأشعر بتحسن، فلم لا؟”
على مر التاريخ، تغيرت هذه الفكرة.
ويشير بعض المؤرخين إلى أن “سرير الزوجية” (أو السرير المزدوج) هو مفهوم حديث وأن استخدامه زاد مع الثورة الصناعية، عندما ذهب الناس للعيش في مناطق أكثر اكتظاظاً بالسكان.
ولكن قبل القرن التاسع عشر، كان من الشائع أن ينام المتزوجون منفصلين.
وكلما ارتفع المستوى الاجتماعي والاقتصادي، كلما كان الأمر أكثر شيوعاً. يقول بابلو بروكمان، عالم النوم في كلية الطب في الجامعة الكاثوليكية في تشيلي: يمكنك أن ترى كيف ينام أفراد العائلة المالكة.
ما هي مزايا النوم في غرف منفصلة؟
يتفق الخبراء على أن هناك العديد من المزايا للأزواج الذين يقررون النوم في غرف منفصلة.
تقول ستيفاني كولير، طبيبة نفسية في مستشفى ماكلين في الولايات المتحدة “الميزة الرئيسية هي أن بإمكانهم تطوير نظام نوم منتظم وعميق، والحصول على نوم جيد أمر ضروري للصحة العامة”.
“إذا لم يتمكن الشخص من النوم، يتأثر كل شيء بدءاً من مناعته وحتى وظائفه الجسدية، بالإضافة إلى نوبات الغضب، وارتفاع نسبة الإصابة بالاكتئاب”.
وتعتقد الطبيبة النفسية أن “الطلاق أثناء النوم” يمكن أن يساعد أيضاً في الحفاظ على علاقة “أكثر صحة”.
وتقول “نحن نعلم أن الأزواج، عندما لا يحصلون على قسط كافٍ من الراحة، يتجادلون أكثر، ويكونون أكثر انفعالاً ويفقدون التعاطف فيما بينهم”.
تتفق سيما خوسلا، أخصائية أمراض الرئة والمتحدثة باسم AASM، مع هذه النقطة.
“نحن نعلم أن قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى تدهور حالتك المزاجية، وأولئك الذين يعانون من الحرمان من النوم أكثر عرضة للجدال مع شركائهم. وقد يكون هناك بعض الاستياء تجاه الشخص الذي يسبب اضطراب النوم مما قد يؤثر سلباً على علاقتهم”.
وأضافت “الحصول على نوم جيد ليلاً أمر مهم للصحة والسعادة، لذلك ليس من المستغرب أن يختار بعض الأزواج النوم بعيداً عن بعضهم البعض من أجل رفاهيتهم”.
بالنسبة لسيسيليا، النوم في غرفة مختلفة عن شريكها الحالي “غيّر حياتها”.
“إنها أكثر راحة بكثير، الآن أتمكن من النوم بشكل أفضل، مع وجود مساحة أكبر في السرير، والقدرة على التقلب دون إزعاج الآخرين”.
وتضيف “أيضاً، ليس عليك أن تستيقظ في نفس الوقت الذي يستيقظ فيه شريكك، بل تستيقظ عندما تريد أو تحتاج إلى ذلك”.
ما هي العيوب؟
العيب الأكثر وضوحاً هو أن هذه الممارسة تتطلب سريراً إضافياً، وعلى الأرجح غرفة إضافية، لذلك بالنسبة للعديد من الأزواج لا يعد هذا خياراً.
ولكن حتى لو كان ذلك احتمالاً، فإن هذا القرار يمكن أن يكون له أيضاً بعض الآثار السلبية، إذ يقول الخبراء إن العديد من الأزواج يشعرون بالقلق بشأن فقدان العلاقة الحميمة.
تقول سيسيليا “أعتقد أنه على مستوى التواصل مع شريكي، تغير شيء ما، نعاني في علاقتنا الحميمة، لكن الأمر ليس بهذه الخطورة، وأعتقد أن المزايا أكبر”.
توضح الدكتورة كولير أنه بالنسبة للعديد من الأشخاص الذين يعملون بدوام كامل، فإن اللحظة التي يتواصلون فيها مع شركائهم تكون وقت النوم.
وتقول “لذلك، أحد الحلول هو تحسين الوقت الذي يقضونه معاً”.
تشير الدراسات إلى أن هذه الممارسة آخذة في النمو، على الأقل في بعض البلدان.
في الوقت نفسه، يقول الدكتور بروكمان إن “الطلاق أثناء النوم” ليس شيئاً يناسب جميع الأزواج.
“هناك فوائد بيولوجية معينة للنوم كزوجين. بالنسبة لكثيرين، ينشأ ما يسمى “اتصال في الحلم”. على سبيل المثال، عادة ما تولد الأم وطفلها هذه الرابطة أثناء الرضاعة الطبيعية ويكون لهما دورات نوم مماثلة حتى يرتاح كلاهما.
“هناك دراسات تظهر أن هناك أزواجاً ينامون معاً منذ سنوات ويتمكنون من “تعميق” مراحل نومهم. وبهذا يمكنك تحسين نوعية نومك”.
ومع ذلك، إذا قرر الزوجان تجربة “الطلاق أثناء النوم”، فهناك بعض التوصيات التي يجب اتباعها، كما يقول المختصون.
تقول الدكتورة كولير “لا ينجح هذا الأمر عندما يريده شخص ويرفضه الآخر”.
“بعض الناس لا يريدون النوم بمفردهم وهذا يجعلهم يشعرون بالإحباط، لذلك يتعين عليهما الاتفاق، وهو قرار مشترك بينهما”.
“بالنسبة للشخص الذي يعاني من المشكلة، سواء كانت الشخير أو المشي أثناء النوم، فقد يكون الأمر صعباً، لأن هناك أشخاصاً لا يحبون النوم في أسرّة منفصلة، وبشكل عام، الرجال أكثر تردداً في الإقبال على هذه الممارسة”، بحسب الدكتورة كولير.
وتشير الدراسات إلى أن هذا الاتجاه آخذ في النمو، على الأقل في بعض البلدان.
في المملكة المتحدة، وجد الاتحاد الوطني للأسرة أنه في عام 2020، ما يقرب من واحد من كل ستة (15٪) من الأزواج البريطانيين الذين يعيشون معاً ينامون الآن منفصلين – مع ما يقرب من تسعة من كل 10 (89٪) منهم يفعلون ذلك في غرف منفصلة.
كشفت دراسة أجراها مجلس النوم في عام 2009 أن أقل من زوج واحد من كل 10 (7٪) لديهم أسرّة منفصلة. ووجد الاتحاد الوطني للأسرة أن “هذا يشير إلى أن معدل النوم المنفصل قد تضاعف تقريباً في العقد الماضي”.
( نقلا عن BBC )