تقترب مصر من الدخول في شراكة جديدة مع دولة الإمارات في مجال المصارف، بهدف مساعدتها في تسريع برنامج الطروحات وتفعيل أكبر لوثيقة سياسة ملكية الدولة، عبر إنجاز استحواذ إماراتي على بنك القاهرة، وهو أحد أهم وأكبر البنوك الوطنية في البلاد.
القاهرة – قررت الحكومة المصرية الاستعانة ببنك الإمارات دبي الوطني، ثاني أكبر البنوك في دولة الإمارات، لتسريع بيع بنك القاهرة، والذي يملكه بنك مصر ثاني أكبر بنك حكومي في البلاد، ويأتي ذلك بعد عدم نجاح عملية البيع لمستثمرين كويتيين.
وتعد هذه الخطوة تحولا مهما في طريقة تعامل السلطات المصرية مع عمليات البيع الحكومية، خاصة بعد أن كانت فكرة الطرح في البورصة الخيار الأول في الماضي.
ويعكس قرار البيع عبر مستثمر إستراتيجي في هذا التوقيت حجم الحرص الدائم من جانب السلطات من أجل زيادة الاحتياطي من العملات الأجنبية، مع التزامها بتعهداتها تجاه المؤسسات الدولية والحاجة المستمرة إلى تدفق الدولارات.
شبيغل: ألمانيا تصادر ناقلة نفط في طريقها إلى مصر بشبهة انتمائها لـ”أسطول الظل الروسي”
كما أنه يعطي فكرة عن عزم الحكومة على تسريع الإجراءات للحصول على السيولة النقدية بشكل أسرع، بدلا من الانتظار لنجاح عملية طرح الأسهم في البورصة التي تستغرق وقتا.
وتؤكد هذه الخطوة سعي السلطات الدائم للوفاء بمتطلبات صندوق النقد الدولي في إطار اتفاقيات سابقة، كما يتزامن بيع بنك القاهرة مع تدابير اقتصادية أخرى قد يكون من شأنها تقوية الاقتصاد المصري على المدى البعيد.
وحسب مصادر تحدثت لـ”العرب”، فإن الحصة المقرر بيعها قد تبلغ 45 في المئة، في صفقة تتخطى المليار دولار، وهذا التقييم لا يقتصر على حجم بنك القاهرة فقط، بل على دوره الكبير في السوق، باعتباره من أهم البنوك التي تساهم في تمويل المشاريع الكبرى في البلاد.
ويعتمد هذا التقييم على العديد من العوامل، مثل الأوضاع الاقتصادية المحلية، ومعدلات سعر الفائدة، ومعدلات نمو السوق، بالإضافة إلى استقرار القطاع المصرفي في مصر.
وبالنظر إلى الحاجة الماسة إلى الدولارات، فإن الحكومة تسعى إلى ضمان الحصول على أعلى قيمة ممكنة من بيع البنك، بحيث تساهم الصفقة في دعم الاحتياطي النقدي.
وارتفع صافي الاحتياطيات النقدية لدى البنك المركزي المصري ليصل إلى نحو 47.4 مليار دولار بنهاية فبراير الماضي، مقارنة مع نحو 47.26 مليار دولار بنهاية يناير من العام نفسه، بزيادة بلغت 128 مليون دولار.
ومن بين القضايا الشائكة التي قد تثار في عملية بيع بنك القاهرة هي مصير فروعه المنتشرة داخل البلاد وخارجها، والتي يبلغ عددها نحو 250 فرعا.
ولفروع البنك في منطقة سيناء خصوصية، فهي نقطة إستراتيجية في السياسة الاقتصادية والأمنية لمصر ويمنع فيها تملك الأجانب وتعمل الحكومة على تعزيز استثماراتها.
وتمثل الفروع في سيناء جزءا من جهود الدولة لتحقيق التنمية الاقتصادية في هذه المنطقة الحيوية، ومن المرجح أن تتم دراسة مستقبلها بعناية.
وذكرت مصادر مصرفية لـ”العرب” أنه سيتم الحفاظ على استقرار هذه الفروع مع استمرار إسنادها لبنك مصر أو بيعها لبنك محلي آخر، بما في ذلك تسهيل حصول السكان على الخدمات المصرفية.
وقال المحلل الاقتصادي المصري إبراهيم الحدودي إن “بيع بنك القاهرة جزء من الاتجاه الأوسع لتعزيز الاستثمارات الإماراتية في مصر، بعد نجاح مشروعات كبيرة، مثل مشروع رأس الحكمة، الذي أسهم في تزايد العلاقات الاقتصادية بين البلدين.”
وأضاف في تصريحات لـ”العرب” أن “بنك الإمارات دبي الوطني هو أحد أهم اللاعبين في القطاع المصرفي الإماراتي، ولذلك فإن استثمار هذا البنك في مصر يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين.”
وتأتي الخطوة أيضا في إطار خطة الإمارات لتطوير وجودها الاقتصادي في الأسواق الإقليمية المهمة، لاسيما في ظل الأزمات التي تمر بها العديد من الأسواق العربية.
ويتوقع الحدودي أن تلعب هذه الاستثمارات دورا محوريا في تعزيز الاقتصاد المصري، وقد تفتح الباب أمام المزيد من الاستثمارات الإماراتية في المستقبل.
ورغم الإيجابيات المرتقبة من بيع بنك القاهرة، إلا أن هناك مخاطر قد تؤثر على نجاح الصفقة، ومن أبرزها التحديات المرتبطة بإتمامها بسلاسة في ظل متغيرات اقتصادية عالمية. وربما تواجه الحكومة مشكلات في التأكد من الحفاظ على استقرار القطاع المصرفي في مصر بعد عملية البيع.
ومن المهم أن تحرص السلطات على تسهيل عملية الانتقال بشكل يضمن استمرارية العمل المصرفي دون التأثير الكبير على العملاء، في ظل اعتراضات من قبل البعض على البيع، بسبب وجود تقديرات اقتصادية أعلى لسعر بيع بنك القاهرة.
وأكد الخبير الاقتصادي خالد الشافعي لـ”العرب” أن عملية تقييم بنك القاهرة في صفقة الاستحواذ المرتقبة من بنك الإمارات دبي الوطني تتم بواسطة بنوك ومؤسسات دولية معروفة ومتخصصة في هذا المجال.
وبدأ بنك الإمارات دبي الوطني في إجراء الفحص النافي للجهالة على بنك القاهرة بعد حصوله على موافقة البنك المركزي المصري ما يمهد لإتمام عملية الاستحواذ.
واستبعد الشافعي في تصريحات لـ”العرب” أن يتم تقييم بنك القاهرة بأقل من قيمته الفعلية، لأن المؤسسات الدولية المتخصصة في التقييم تعتمد على أساليب محاسبية معترف بها في تقييم البنوك.
وفي ما يتعلق بتأثير سعر الصرف على تقييم البنك، الذي يمكن أن يلعب دورا كبيرا في تحديد قيمته الإجمالية، خاصة إذا كان يتعامل مع استثمارات أو معاملات دولية بالعملات الأجنبية، قال الشافعي إن “انخفاض سعر الجنيه قد يؤدي إلى تقليل قيمة الأصول المقومة بالعملات الأجنبية ما يؤثر سلبا على التقييم الكلي للبنك.”
وأضاف “أما في حال ارتفاع سعر صرف العملة المحلية، فيعزز ذلك من قيمة الأصول المقومة بالعملات الأجنبية، لكن ربما لا يحدث تغيير مع ثبات سعر الصرف.”
وبدأت الحكومة منذ سنوات في محاولة بيع عدة بنوك، بينها بنك الإسكندرية وبنك القاهرة، في إطار خطة وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تهدف إلى توسيع قاعدة مشاركة القطاع الخاص، وضمن برنامج الطروحات الحكومية.
ويقول خبراء إنه لا مجال للمعارضة بشأن بيع بنك القاهرة أو أي من الأصول المدرجة في برنامج الطروحات، حيث إن هذه القرارات قد تمت دراستها مسبقا ووضعها حيز التنفيذ من قبل مجلس الوزراء المصري.
تابعونا لمزيد من التغطيات الحصرية والمحتوي المتنوع عبر أقسامنا المتجددة، حيث نقدم لكم أحدث أخبار وتقارير علي مدار الـ24 ساعة، وأحدث أخبار مصر و اقتصاد وبنوك وبورصة إلي جانب تغطية حصرية من خلال سفارات وجاليات ، وتغطية شاملة للتطوير العقاري من خلال قسم عقارات ونتشارك في الترويج للسياحة والآثار المصرية من خلال قسم سياحة وآثار ، إضافة لأخبار خاصة في قسم ثقافة وفنون و علوم وتكنولوجيا ومنوعات ، كما نولي اهتمام خاص بـ الرياضة و المرأة ونقدم لكم كل يهم التعليم والطلاب من خلال أخبار الجامعات .