أخبار مصرأخبار وتقارير

تحركات في البرلمان المصري لمنح الموظف المدمن فرصة للعلاج.

صوت المصريين - The voice of Egyptians

صارت مشكلة المدمنين العاملين في الجهاز الإداري بمصر تؤرق البرلمان والمجتمع، لاسيما أن نصوصا تشريعية خاصة بفصل متعاطي المخدرات من وظائفهم تهدد مستقبل عائلاهم، ما دفع بعض البرلمانيين إلى إعادة النظر في تلك القوانين وتعديلها وتشجيع المدمنين على العلاج بدل تهميشهم.

 أظهرت تحركات برلمانية في مصر لإجراء تعديلات على نصوص تشريعية خاصة بفصل متعاطي المخدرات من وظائفهم، وجود مخاوف من الاستمرار في تطبيق تلك النصوص بما يجلب منغصات أمنية واجتماعية من المعزولين وظيفيا وأسرهم، مع تردي الأوضاع المعيشية للكثير من المواطنين.

وأعلن برلمانيون عن الشروع في إجراء تعديلات تشريعية متوافق عليها من عدد كبير من الأعضاء حتى الآن، سيتم تضمينها قانون العمل محل النقاش البرلماني، ما يسمح للموظف الذي يثبت تعاطيه المخدرات بفرصة ثانية يقوم خلالها بالعلاج والتعافي بدلا من فصله من الوظيفة مباشرة عقب ثبوث إيجابية الفحوصات الطبية، لاختبار جدية الموظف في الإقلاع عن المخدرات أو التمسك بموقفه.

وأعلنت وكيلة لجنة القوى العاملة بمجلس النواب سلاف درويش أن هذا التعديل التشريعي ضرورة مجتمعية، بما يسهم في منح العاملين المتعاطين للمخدرات فرصة للعلاج.

وجاء التحرك البرلماني عقب تزايد الوقفات الاحتجاجية التي ينظمها موظفون ضد عزلهم بسبب تعاطي المخدرات، حيث تتمسك الحكومة بتطهير الجهاز الإداري للدولة من العناصر المدمنة، وما يسببه ذلك من سلبيات ترتبط بضعف الأداء الوظيفي وغياب الانضباط، ما يؤثر على خدمات تقدم للمواطنين ويعطّل سير المؤسسات العمومية.

البنك المركزي: ارتفاع احتياطي النقد الأجنبي لمصر إلى 47.4 مليار دولار

ومشكلة الحكومة، في مواجهتها لارتفاع معدلات الإدمان داخل الجهاز الإداري، تكمن في أنها تحصر العلاج في سياسة الترهيب والاتجاه نحو الإقصاء الوظيفي، في غياب لإدراك خطورة ذلك على السلام المجتمعي بأن يتحول الموظف المدمن إلى عاطل، ولم تبحث وراء أسباب لجوء هذه الشريحة من الموظفين إلى الإدمان. ولا أحد يعلم هل هذا التوجه جاء لضغوط وظيفية أم تكيفا مع الإحباط.

ووجدت أجهزة الأمن نفسها في مواجهة تظاهرات ينظمها عمال مفصولون برفقة أسرهم، وكانت تضطر إلى فض التجمهر بالقوة وإلقاء القبض على بعض المحتجين، وهو ما بعث رسائل إلى السلطة يفيد مضمونها بضرورة البحث عن مخرج لتلك الأزمة قبل أن تتفاقم وتصعب السيطرة عليها.

يقود العزل الوظيفي للمدمنين إلى فقدان أسرة العامل المفصول مصدر رزقها، حيث لا يحصل من تعرض للفصل بسبب المخدرات على أي حقوق أو تعويضات مالية وفقا لنصوص القانون الحالي، لكنه يحتفظ فقط بحقه في المعاش طبقا للتشريع المنظم للتأمينات والمعاشات عند بلوغه السن القانونية.

ودفعت الظروف المعيشية الصعبة جراء الأزمة الاقتصادية الطاحنة البرلمان إلى التعامل بقدر من الحكمة مع الخشونة الحكومية في ملف الموظفين المدمنين، لأن العامل الذي يفصل من الوظيفة ليس لديه شيء يخسره، وبإمكانه وأسرته أن يشكلا خطورة أمنية واجتماعية، وربما سياسية إذا تعاظمت الأزمة مستقبلا.

وتتعاطف شريحة كبيرة في المجتمع مع المفصولين بسبب الإدمان، ويقول البعض إن العامل ولو أخطأ في حق نفسه والمؤسسة التي يعمل بها، فلا يجوز للحكومة أن تعاقب أسرته وأولاده، لأن الظروف الاقتصادية سيئة وكل أسرة توفر الحد الأدنى من احتياجاتها بصعوبة بالغة.

وأعدت الحكومة قانونا خاصا يقضي بفصل الموظف الذي يتعاطى المخدرات، بعد حادثة مأساوية وقعت قبل أربع سنوات بتصادم قطارين في محافظة سوهاج، وتبين من تحقيقات النيابة العامة أن أحد السائقين كان غائبا عن الوعي نتيجة تناوله جرعة كبيرة من المخدرات قبل وقوع الحادث مباشرة، ما تسبّب في مصرع وإصابة العشرات من المواطنين.

وبعد الموافقة البرلمانية بالأغلبية على القانون صادق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، ونص على أن يخضع العاملون لإجراء تحليل وتكون العقوبة بإنهاء الخدمة بعد تأكد إيجابية العينة في التحليل التأكيدي لوزارة الصحة، وحال تعمد الموظف التهرب من إجراء التحاليل اللازمة بغير عذر مقبول يفصل أيضا من الخدمة، ويتعرض للحبس.

وقاد هذا النص القانوني إلى فصل العشرات من الموظفين في مؤسسات حكومية، وبدأ برلمانيون يثيرون القضية على استحياء لمحاولة إقناع الحكومة بأن نتيجة الفصل من الوظيفة أكثر خطورة من الإدمان.

ويرغب مجلس النواب في الوصول إلى حل وسط بين الموظف المتعاطي والحكومة، بحيث يُمنح فرصة كافية للعلاج والتعافي، ويتحقق الهدف الخاص بتطهير الجهاز الإداري للدولة من المدمنين، خاصة الذين ترتبط طبيعة عملهم بالاحتكاك المباشر مع الجمهور، وإذا رفض التعافي يصبح متمردا ويحق للحكومة فصله.

قال أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة الفيوم غرب القاهرة عبدالحميد زيد إن الترهيب بالعزل الوظيفي للعامل المتعاطي ليس حلا مجديا دائما، لأن استمرار الموظف على نفس السلوك يتناقض مع الهدف العام من القانون، فقد يظل متعاطيا أو يتحول إلى مجرم يسرق ليشتري المخدرات، بينما منْحه فرصة للتعافي ودمجه وظيفيا هما الحل الإيجابي للتعامل مع هذه القضية.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن هناك ضرورة لتطهير الجهاز الحكومي من المدمنين، لكن المهم أن يحدث ذلك بطريقة تشجع على الترغيب والتحفيز، وبشكل يحفظ الأمن المجتمعي ويحقق الغرض المطلوب، وفكرة منح فرصة ثانية للمتعاطي جيدة، لأن القرار بيده، فإما أن يصبح موظفا صالحا أو يقود نفسه إلى العزل وضياع مستقبله.

وكشف بعض المفصولين بسبب المخدرات عن شكواهم من عدم مساعدتهم من جانب المؤسسات على التعافي، أو منحهم فرصة للعدول عن الإدمان ومعاودة إجراء الفحوصات الطبية للتأكد من صدق نواياهم، وهم مستعدون للتغيير.

ويتفق متابعون لإشكالية الإدمان داخل المجتمع المصري على صعوبة تطهير أي بيئة وظيفية أو سكانية من المدمنين بصرامة التشريعات وحدها، بدليل أن الحكومة لديها ترسانة من القوانين التي تتضمن عقوبات مشددة، وبعضها يصل إلى الحبس المشدد وربما الإعدام، مع ذلك لم يتوقف متعاطو المخدرات لأن التشريعات لا تغير السلوكيات.

ويؤكد أصحاب هذا الرأي أن الحكومة على حق في تطبيق نصوص صارمة بالعزل الوظيفي للمتعاطين، لأن الجهاز الإداري عقيم وتتعطل فيه مصالح الناس بلا مبرر مقنع، ما أثر على معدلات التنمية والرضا الشعبي عن الأداء الحكومي، والأمر يتطلب التشدد مع المتعاطين، لكن الظروف المعيشية تحتاج حكمة لتجنب حدوث منغصات جانبية معقدة.

وإذا كانت هناك إرادة سياسية حقيقية لتغيير عقلية المجتمع وتحسين العمل المؤسسي داخل الدولة، فالحكومة مطالبة بالتحرك في مسارات متوازية لمحاربة الإدمان والتحريض عليه والكف عن تلميع صورة متعاطي المخدرات في نظر المجتمع، ويكفي ما تعج به الكثير من الأعمال الدرامية والسينمائية من ترويج أن المتعاطي شخص سعيد وصاحب مزاج ولا يهاب الهموم.

ويوحي التحرك الحكومي بأن هناك أولوية لتحسين صورة المؤسسات الرسمية، لكن يغيب عن تلك الجهود أن الأزمة ليست مرتبطة بشريحة الموظفين، بل بعدم تصدير نماذج حسنة يتأثر بها الناس في الجهاز الإداري للدولة، كما أن تعاطي المخدرات يبرره كثيرون بأنه نتيجة لارتفاع منسوب المشكلات بسبب تردي الأوضاع المعيشية للكثير من الناس.

وقاد إحباط بعض الموظفين لأسباب مختلفة، منها المادي والمعنوي والمجتمعي والمرتبط ببيئة العمل، إلى أن شريحة منهم وجدت في الإدمان ملاذا لها، ما يفرض على الحكومة والبرلمان دراسة أسباب الظاهرة وعلاجها بشكل واقعي وعبر تعديلات مرتبطة بالوظيفة نفسها، كي لا يشعر العامل بأن علاقته بالمهنة عقد توظيف ليصبح منتميا إلى المال ويفتقد الانتماء إلى المكان.

وتحاول الحكومة تحسين صورتها أمام اتهامات التقصير التي تطالها وحدها، وهذا منطقي ومطلوب، لكنها أيضا مدفوعة إلى التعامل مع فئة المدمنين بطريقة لا تجعلهم يتحولون إلى عناصر خطرة على المجتمع، وعليها أن تقضي على الفساد بكل أشكاله قبل حصر المشكلة في المدمنين، لأن الفاسدين أكثر خطورة من المخدرات.

Provided by SyndiGate Media Inc. (

Syndigate.info

).

تابعونا لمزيد من التغطيات الحصرية والمحتوي المتنوع عبر أقسامنا المتجددة، حيث نقدم لكم أحدث أخبار وتقارير علي مدار الـ24 ساعة، وأحدث أخبار مصر  و اقتصاد وبنوك وبورصة إلي جانب تغطية حصرية من خلال  سفارات وجاليات ،  وتغطية شاملة للتطوير العقاري من خلال قسم عقارات ونتشارك في الترويج للسياحة والآثار المصرية من خلال قسم  سياحة وآثار  ، إضافة لأخبار خاصة في قسم ثقافة وفنون و علوم وتكنولوجيا ومنوعات ، كما نولي اهتمام خاص بـ الرياضة و المرأة ونقدم لكم كل يهم التعليم والطلاب من خلال أخبار الجامعات .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى