بعيدا عن “البند السابع”.. القرار الأمريكي في مجلس الأمن حول وقف النار في غزة “حبر على ورق”
رحب المجتمع الدولي بتبني مجلس الأمن يوم الاثنين للقرار 2735 الذي يدعم مبادئ اقتراح الرئيس الأمريكي جو بايدن حول وقف إطلاق النار في غزة، وأبدت حماس استعدادها للتعاون على تطبيقه.
مجلس الأمن الدولي يتبنى مشروع القرار الأمريكي بشأن وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرىنيبينزيا: القرار الأمريكي غامض وموافقة إسرائيل على وقف النار غير واضحة
وأعرب الاتحاد الأوروبي في بيان عن ترحيبه باعتماد مجلس الأمن الاقتراح الذي أعلن عنه الرئيس بايدن في مايو الماضي، داعيا حركة “حماس” وإسرائيل إلى قبول الاقتراح، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن 2728 و2720 و2712. كما أكد الاتحاد استعداده للمساهمة في إحياء العملية السياسية لتحقيق سلام دائم ومستدام على أساس حل الدولتين، ودعم الجهود الدولية المنسقة لإعادة بناء غزة.
ومن جانبها، رحبت وزارة الخارجية المصرية بالقرار الصادر عن مجلس الأمن، مجددة مطالبتها لإسرائيل بأهمية الامتثال لالتزاماتها وفقا لأحكام القانون الدولي، ووقف الحرب التي تشنها ضد قطاع غزة، داعية إسرائيل و”حماس” لاتخاذ خطوات جادة تجاه إتمام هذه الصفقة في أسرع وقت، والبدء بتنفيذ بنودها دون تأخير أو شروط.
ودعت الرئاسة التركية إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة بأسرع ما يمكن، وقال مستشار الرئيس التركي لشؤون السياسة الخارجية والأمن، عاكف تشاغطاي قليج إن “نتائج تصويت مجلس الأمن حول وقف إطلاق النار قرار منتظر منذ فترة طويلة، حتى لو كان متأخرا”.
كما رحب وزير الخارجية البريطاني جيمس كاميرون بقرار المجلس داعيا حركة “حماس” لقبول شروط الصفقة مع إسرائيل وإطلاق سراح كافة المحتجزين.
وفي البيت الفلسطيني، رحبت الرئاسة الفلسطينية باعتماد القرار، معتبرة أن “اعتماده يعد بمثابة خطوة في الاتجاه الصحيح لوقف حرب الإبادة المتواصلة في قطاع غزة”، داعية الجميع إلى “تحمل مسؤولياتهم لتنفيذه” مشيرة إلى أنه “ينسجم مع مطالبها بالوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي وانسحاب قوات الاحتلال من كامل القطاع، وإدخال المساعدات، ومنع التهجير”.
ومن جانبها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” ترحيبها بما تضمنه قرار مجلس الأمن وأكد عليه حول وقف إطلاق النار الدائم في غزة، والانسحاب التام من قطاع غزة، وتبادل الأسرى، والإعمار، وعودة النازحين إلى مناطق سكناهم، ورفض أي تغير ديموغرافي أو تقليص لمساحة قطاع غزة، وإدخال المساعدات اللازمة لأهلنا في القطاع.
وأكدت الحركة في بيان استعدادها للتعاون مع الوسطاء للدخول في مفاوضات غير مباشرة حول تطبيق مبادئ قرار مجلس الأمن هذه.
بدورها، قالت حركة “الجهاد الإسلامي” إنها تنظر بإيجابية إلى ما تضمنه قرار مجلس الأمن، “ولا سيما حول فتح الباب أمام الوصول إلى وقف شامل للعدوان، وانسحاب قوات الاحتلال بشكل كامل من قطاع غزة”، مشيرة إلى أن قرار مجلس الأمن تأخر أكثر من ثمانية أشهر كاملة.
إسرائيل تعرب عن امتعاضها من القرار: “القرار يحد من حريتنا في العمل”
نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن مسؤول إسرائيلي كبير لم تذكر اسمه أن “القرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي يحد من حرية إسرائيل في العمل”، ووفقا له “قبلت الولايات المتحدة صياغة إشكالية للغاية حتى لا يستخدم الروس حق النقض، وفي الحقيقة تأييد الجزائر للاقتراح يروي القصة بأكملها”.
مندوب روسيا يحذر: القرار الأمريكي غامض وموافقة إسرائيل على وقف النار غير واضحة
وفي السياق ذاته، أكد مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا أن القرار الأمريكي بشأن غزة غامض، ويعتمد على إتفاقات يديرها وسطاء غير واضح عما يتفاوضون عليه وعلى ماذا وافقت إسرائيل.
وأشار مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أن “القرار الأمريكي بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة غامض، وهناك تساؤلات بشأنه”، مؤكدا أن “معالم الصفقة النهائية لا تزال حتى الآن غير واضحة، لا أحد ربما باستثناء الوسطاء على علم بها، واضعو الاتفاق لم يبلغونا في مجلس الأمن بشيء. في الواقع هذا مثل السمك في الماء”.
وشدد المندوب الروسي على أن تنفيذ بنود القرار الأمريكي الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي لا يمكن إلا أن يبقى حبرا على الورق.
الجدير ذكره أن هذا القرار الذي اعتمده مجلس الأمن يوم الاثنين 10 يونيو الجاري، ليس الأول من نوعه “لوقف الحرب على قطاع غزة”، إذ تم تبني ثلاثة قرارت سابقة، ولكن ماذا كان مصيرها؟
القرار 2712
في 15 نوفمبر 2023 وبعد طول انتظار، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار 2712 لسنة 2023 الذي يهدف إلى إقامة هُدن وممرات إنسانية عاجلة ممتدة في جميع أنحاء قطاع غزة والإفراج الفوري ومن دون شروط عن كل المحتجزين. وحصل القرار على تأييد 12 عضوا وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبريطانيا عن التصويت. وعليه، نجح المجلس في استصدار قرار حول التصعيد في غزة الذي انطلق في 7 أكتوبر 2023، بعد 4 محاولات تم إجهاضها سابقا إما بفعل استخدام الفيتو الأمريكي أو عدم الحصول على العدد الكافي من الأصوات.
القرار 2720
في 23 ديسمبر 2023، مجلس الأمن الدولي يلتئم مجددا بشأن قطاع غزة، وفي ذلك اليوم يتم تبني القرار الثاني في هذه المسألة، وكان القرار يدعو إلى اتخاذ خطوات عاجلة للسماح فورا بإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وتهيئة الظروف لوقف إطلاق النار بين إسرائيل والمقاتلين الفلسطينيين، وجرى ذلك بتأييد 13 عضوا، وامتناع الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت.
كما طالب القرار “أطراف النزاع أيضا بإتاحة جميع الطرق المتاحة المؤدية إلى قطاع غزة والكائنة في جميع أنحائه، بما في ذلك فتح معبر كرم أبو سالم الحدودي”.
القرار 2728
يوم الاثنين 25 مارس 2024 للمرة الثالثة مجلس الأمن الدولي ينجح في تبني قرار جديد بشأن قطاع غزة، وينص القرار 2728 الذي تمت الموافقة عليه على أن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة “حماس” يجب أن يكون فوريا وتحترمه جميع الأطراف خلال شهر رمضان، ما يفضي إلى وقف دائم ومستدام لإطلاق النار، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
القرار 2735
يوم الاثنين 9 يونيو 2024 بعد 8 أشهر من الحرب على قطاع غزة، وعلى أساس اقتراح لـ “خارطة طريق” قدمه الرئيس الأمريكي جو بايدن، تبنى مجلس الأمن قرارا رابعا يدعم المبادئ الواردة في اقتراح مدير البيت الأبيض.
هل هذه القرارات ملزمة؟
بحسب مجلس الأمن الدولي، يتم اعتماد مشروع قرار بشأن المسائل غير الإجرائية إذا صوت تسعة أو أكثر من أعضاء المجلس الخمسة عشر لصالح القرار، وإذا لم يتم نقضه من قبل أي من الأعضاء الخمسة الدائمين. قرارات مجلس الأمن ملزمة قانونا، لكن إسرائيل لم تلتزم بأي من هذه القرارات، والسبب في ذلك يرجع إلى عدم وجود صيغة حازمة من المجلس في قراراته الصادرة تجاه إسرائيل.
من المعلوم أن مجلس الأمن يملك صلاحية إصدار أشكال مختلفة من القرارات بموجب البندين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة. وبالعودة إلى قرارات مجلس الأمن رقم 2712 و2720 و2728، نجد أنها خلا تماما من الإشارة إلى الفصل السابع (استخدام تدابير عسكرية أو غير عسكرية مثل الحصار والعقوبات الاقتصادية لغايات تنفيذه)، وبالتالي هذا مؤشر مهم أنه صدر بموجب البند السادس (دعوة الأطراف المتنازعة لتسوية النزاع بالمفاوضات والتحقيق والتحكيم أو اللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو أي وسيلة سلمية أخرى طلبا للمساعدة في حل النزاعات).
ما الفرق بين قرار مجلس الأمن بموجب البند السادس أو البند السابع؟
التفرقة سهلة في كثير من الأحيان، إذ أن اللغة المستخدمة في العديد من القرارات تشير بشكل واضح إلى البند السابع أو إلى مادة ضمن البند السابع. وهناك أمثلة عديدة على ذلك منها القرارات المتعلقة بالعراق مثل القرار 712 لسنة 1991؛ وجاء في متن القرار “إذ ينفذ بموجب البند السابع”، وكذلك القرارات السابقة ذوات الأرقام 660، 661، 664، 665، 666، 667، 669، 770، 674، 677 الصادرة في العام 1990.
والقرارات المتعلقة بروندا، خاصة تلك الصادرة في العامين 1994 و1995 وأبرزها القرار رقم 955 لسنة 1994 الذي يهدف إلى إنشاء محكمة دولية لمحاكمة مجرمي الحرب، تم التأكيد على أنه جرى أخذ القرار ضمن صلاحيات مجلس الأمن بموجب البند السابع وكذلك الأمر بالنسبة للقرارات المتعلقة بيوغسلافيا السابقة، والعبارة ذاتها تم استخدامها في القرار رقم 1757 لسنة 2007 بشأن إنشاء محكمة خاصة في لبنان.
حتى في مجال المساعدة الإنسانية وتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحّة، نجد أن مجلس الأمن لم يتردد في استخدام عبارة “أنه ينفذ بموجب البند السابع” كما هي الحال بالقرار رقم 2615 لسنة 2021 الخاص بأفغانستان.
وسيتكدس القرار الجديد في مجلس الأمن رقم 2735 إلى جانب الأرقام السابقة من القرارات الخاصة بفلسطين، وسيظل “حبرا على ورق” وستكون المفاوضات غير الواضحة بشأنه كـ”سمك في البحر”، إذا لم يتم اللجوء إلى آلية إجبار لتنفيذه كـ”البند السابع”.