اقتصاد وبورصة

إسرائيل وفلسطين .. خسائر اقتصادية فادحة للجانبين بسبب الحرب

صوت المصريين - The voice of Egyptians

كشفت ورقة بحثية خلال المنتدى الاستراتيجي العربي 2024، المنعقد في دبي، عن حجم الخسائر الباهظة التي يتكبدها الشرق الأوسط جراء غياب السلام بين إسرائيل وفلسطين.

وقال التقرير إن السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين من شأنه أن يرفع من حجم النشاط الاقتصادي في الشرق الأوسط بما يصل إلى 1.7 تريليون دولار على مدى عقد من الزمن.

وبحسب التقرير، فإن حجم الدمار الناجم عن الحرب في غزة يعد تذكيراً قاسياً بالخسائر الفادحة للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي الممتد، فها هو القتال يظهر لنا تارة أخرى أن المخاطر التي تهدد استقرار المنطقة واقتصادها ستظل كبيرة في ظل استمرار العمليات العسكرية وعدم الوصول إلى تسوية دائمة بين الطرفين.

وتقدر التكاليف المباشرة للصراع بأكثر من تريليون دولار منذ بدء الصراع قبل سبعين عامًا، في حين بلغت الخسائر الاقتصادية والاستثمارية غير المباشرة جراء هذه الحرب مبلغاً مماثلا. وقد تجاوزت الحصيلة الإجمالية للضحايا من الفلسطينيين والعرب منذ عام 1948 إلى حين الأزمة الحالية، إلى 105 آلاف قتيل، في حين تكبدت إسرائيل نحو 25 ألف قتيل.

وعلى الصعيد الحالي، يشكل القتال الدائر عائقا كبيرا أمام طموحات المنطقة لتحقيق تكامل إقليمي أوسع والاستفادة من المزايا الاقتصادية التي يمكن أن يجلبها.

كم أن هذا الواقع المرير يكشف عن نقطة مهمة لطالما تم تجاهلها، ألا وهي أن التأثير الاقتصادي للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي لا يقتصر على التكاليف المباشرة للحرب المستعرة وحسب، بل يتعلق أيضا بالمكاسب المالية والاقتصادية الضائقة، أي كلفة السلام.

من شأن كلفة السلام أن تكون باهظة، فقد تصل إلى ما يقرب من 1.7 تريليون دولار في عضون عشر سنوات، إذا تم احتساب الفوائد المباشرة للفلسطينيين والإسرائيليين، إلى جانب المكاسب المالية الناجمة عن نمو النشاط االقتصادي نتيجة لتعزيز التكامل على الصعيد الإقليمي بشكل أكبر.

ووفق دراسة أعدتها مؤسسة راند (RAND) للبحوث والتحليل، فإنه يمكن للتسوية الدائمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين أن تؤدي إلى تحقيق مكاسب مالية بقيمة 219 مليار دولار، بحسب أسعار 2023، على مدى عشر سنوات، من خلال تطوير قطاعي السياحة والتمويل، وتعزيز التبادلات التجارية الثنائية، فضلا عن تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية واستقطابها بشكل أكبر.

كما أن السلام بين الطرفين من شأنه أن يسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي على نحو أسرع، ووصول الفوائد الاقتصادية إلى 1.5 تريليون دولار، بحسب أسعار 2023، خلال الفترة ذاتها.

وعلى المدى القصير، فإن المشاعر المتأججة والمخاوف الأمنية المتزايدة يحول دون استئناف المفاوضات، فقد احتدت وجهات نظر الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، ما يجعل تقديم التنازلات وعملية التوصل إلى تسوية أمراً صعبًاً للغاية.

لكن، كما أثبتت الأزمات السابقة، خاصة حرب أكتوبر 1973 وحرب الخليج 1991، فإنه يمكن للنزاعات الكبيرة أن تؤدي إلى تغير المشهد السياسي والمفهوم
الأمني بشكل جذري، الأمر الذي يتيح إيجاد أساس قوي للسلام.

ويكمن التحدي الذي تواجهه الدول العربية في احتواء أزمة غزة ووضع نهاية سريعة لها في أقرب ممكن، ثم العمل على تهيئة الظروف لتسوية دائمة عند أول فرصة، الأمر الذي يتطلب قيادة حكيمة، ورؤية استراتيجية، وقدرة فائقة على شرح فوائد السلام لكل من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والمجتمع الدولي الذي
يتجاهل معاناة الشعب الفلسطيني مع بروز أولويات سياسية وأمنية أخرى إلى المقدمة.

قد تبدو مهمة مستحيلة، لكن لدى الدول العربية مجموعة من الأدوات تحت تصرفها؛ إذ إن العديد من هذه الدول في وضع أقوى يمّكنها من التأثير في الأحداث والمضي نحو السلام أكثر من أي وقت مضى. فالفوائد الاقتصادية وتحقيق الأمن التي ستعود على إسرائيل من التكامل الإقليمي مغرية، ما يمنح العواصم العربية
نفوذاً أكبر في عملية صنع القرار على المدى الطويل.

إضافة إلى الفوائد الاقتصادية التي يمكن تحقيقها، فإن التسوية الدائمة بين فلسطين وإسرائيل لن يعزز الدور الإقليمي والدولي المنوط بالدول العربية الرئيسة وحسب، بل من شأنه أن يقوض أيضاً نفوذ المنافسين الإقليميين، مثل إيران.

تكاليف باهظة للحرب

تواجه المنطقة منذ سبعين عاماً مجموعة واسعة من التحديات، لا سيما الاقتصادية والأمنية، إذ إن تكاليف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي باهظة، تتجاوز تقديرات الإنفاق على الدفاع والدعم الاقتصادي وإعادة الإعمار والمساعدات الإنسانية، والتي تصل إلى تريليون دولار أميركي بالأسعار الاسمية الحقيقية.

ولا يشمل هذا الرقم المساعدات العسكرية والإنسانية الدولية المقدمة للفلسطينيين والإسرائيليين على مر السنين، حيث بلغ إجمالي المساعدات الإنمائية للفلسطينيين بين عامي 1994 و2014 نحو 37 مليار دولار في إطار شروط صارمة. وفي الوقت نفسه، ووفقا لوزارة الخزانة الأميركية، فقد تجاوزت المساعدات العسكرية لإسرائيل 130 مليار دولار بدأت في عام 1948.

تجدر الإشارة إلى أن التكاليف غير المباشرة الناجمة عن تعثر النمو الاقتصادي والاستثمار وارتفاع معدلات التضخم، والعراقيل التي تعيق التنويع الاقتصادي أعلى بكثير.

وقد انعكست التكلفة الاقتصادية الكلية للفرص الضائعة في خمس محاور رئيسة:

1. تدهور رأس المال البشري نتيجة للخسائر البشرية والتهجير
2. الأضرار والدمار الذي لحق برأس المال المادي والبنية التحتية
3. إضعاف الحوكمة الاقتصادية؛
4. تراجع ثقة المستثمرين وانهيار اللبنة االجتماعية بسبب عدم الاستقرار على المدى الطويل؛
5. انخفاض النشاط في قطاعات رئيسة عدة، مثل التجارة والسياحة.

كما كانت العواقب المدمرة تراكمية، فأثرت سلبا في التعليم، والتكافل الاجتماعي وديموغرافية السكان (التركيبة السكانية).

بالإضافة لذلك، أدت إلى تشكيل حلقة اقتصادية مفرغة، لا تزال حكومات المنطقة تكافح جاهدة من أجل السيطرة عليها واحتوائها.

خسائر الفرص البديلة

أظهرت دراسة للأمم المتحدة أجريت عام 2021 حجم تكاليف الفرص الضائعة؛ ففي الفترة بين عامي 2000 و2004، وصل إجمالي الدخل المحتمل للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة بسبب القيود الإسرائيلية إلى ما نسبته 82 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي للأراضي المحتلة لعام 1999.

وعلى مدى عشرين عامًا، في الفترة بين عامي 2000 و2019، قدر التقرير أن يسجل إجمالي الناتج المحلي للضفة الغربية ارتفاعاً بنسبة 35 بالمئة في حال رفع القيود الإسرائيلية، وهو ما يعادل 57.7 مليار دولار، أي 4 أضعاف ونصف إجمالي الناتج المحلي للأراضي الفلسطينية في عام 2019.

استمرار الخسائر البشرية

خلفت الحروب المتعاقبة والاحتلال المستمر آثارا بشرية مأسوية على الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، فحتى قبل احتدام الصراع الأخير بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يقدر إجمالي عدد الضحايا البشرية بعشرات الآلاف.

كشفت إحدى الدراسات التي استندت في أرقامها إلى إحصاءات الأمم المتحدة، عن ارتفاع عدد القتلى والجرحي إلى 7 آلاف و162 ألف على التوالي، في الفترة بين عام 2008 حتى بداية الصراع الحالي (6720 و154580 من الجانب الفلسطيني، و685 و8171 من الجانب الإسرائيلي على التوالي).

أخبار ذات صلة

 أخبار إسرائيلبالتفاصيل.. كيف تؤثر الحرب على اقتصاد إسرائيل؟

 اقتصاد1.5 مليار دولار خسائر القطاع الخاص الفلسطيني منذ بدء حرب غزة

كما أشعل الصراع في الوقت ذاته، فتيل أزمة لجوء طويلة المدى ومستمرة، ما كان لها تأثير ملموس شمل جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط.

ووفقًاً لتقديرات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، فقد وصل إجمالي عدد اللاجئين الفلسطينيين في المنطقة إلى ما يقرب من 6.4 ملايين لاجئ، 60 بالمئة يعيشون في الدول عربية، وتحديدًاً الأردن ولبنان وسوريا.

وأشارت العديد من الدراسات، إلى أن هذه المجتمعات هي من بين الفئات الأكثر ضعفاً على مستوى العالم، إذ يعيشون دون خط الفقر ويعانون من أوضاع صحية سيئة، فضلا عن ضعف البنية التحتية وارتفاع معدلات البطالة.

وأوضحت دراسة أخرى أجرتها الجامعة الأميركية في بيروت عام 2010 بتمويل من المفوضية الأوروبية، بأن 56 بالمئة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين يعيشون في ظل قيود معينة عاطلون عن العمل، في حين يعيش 66 بالمئة تحت خط الفقر ( حوالي 6 دولارات فقط في اليوم الواحد).

كما تشير التقديرات إلى أن 33 بالمئة من اللاجئين يعانون من أمراض مزمنة، بما في ذلك ارتفاع ضغط الدم.

 الحرب الحالية تكلفتها باهظة

حجم القتال الأخير في غزة ومستوى الدمار الذي لحق بالأرواح والممتلكات من شأنه أن يؤدي إلى المزيد من التداعيات على المستويين الإنساني والاقتصادي.

عدد القتلى تجاوز الـ 20 ألفاً ولا يزال في ارتفاع.

بحلول نهاية ديسمبر، أودى الهجوم الذي شنته “حماس”، والذي أدى إلى إشعال فتيل الحرب، بحياة أكثر من 20 ألف شخص، والغالبية العظمى منهم من المدنيين الفلسطينيين.

ووفقًاً للأرقام الرسمية الصادرة عن هيئة الإغاثة الإسلامية، فقد ارتفعت حصيلة عدد القتلى في غزة إلى أكثر من 20 ألفا، ومن المرجح أن الأرقام الفعلية أعلى بكثير، إذ لا يزال العديد منهم في عداد المفقودين. إضافة إلى ذلك، أصيب ما لا يقل عن 52 ألف فلسطيني بجروح، صنفت إصابات العديد بالخطيرة.

ورغم التقديرات التي تشير إلى مقتل أكثر من 1200 شخص معظمهم من المدنيين في 7 أكتوبر، وما يزيد على 460 جنديًاً في القتال الذي تبعه، فإن إسرائيل تواجه أزمة غير مسبوقة، حيث نزح أكثر من 200 ألف من الإسرائيليين نتيجة لاحتدام الصراع، وانتقل ما يزيد على 120 ألف من المناطق المحيطة بقطاع غزة ومن غير المرجح عودتهم قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

إضافة إلى ذلك، تم إجلاء 80 ألفاً من شمال البلاد إلى تل أبيب في ظل تصاعد القتال مع حزب الله.

أخبار ذات صلة

 أخبار إسرائيلاقتصاد إسرائيل ينمو بأبطأ من المتوقع في الربع الثالث من 2023

 أخبار فلسطينالبنك الدولي يتوقّع انكماشا حادا للاقتصاد الفلسطيني

كلفة إعادة الإعمار في غزة

تكاليف إعادة الإعمار: أكثر من 50 مليار دولار لإعادة إعمار غزة المنكوبة، وبحسب التقرير الرسمية، فإن 60 بالمئة من المنازل و69 بالمئة من المدارس في غزة قد تعرضت للخراب وتم تدميرها.

في حين بلغت نسبة تعطل المستشفيات بلغت تقريباً 80 بالمئة، وأشارت التوقعات في بداية نوفمبر إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة ستبلغ على الأقل 50 مليار
دولار، نتيجة للدمار الذي حل بالقطاع، والذي استهدفته الآلية الحربية الإسرائيلية. ومع توسع نطاق العمليات الإسرائيلية، فإن هذا الرقم سيرتفع حتما، ومن شأن وقوع كارثة إنسانية أن يكون أكثر كلفة من إعادة الإعمار، إذ نزح نحو 80 بالمئة من الفلسطينيين إلى الداخل في الوقت الحالي، وتوقفت الحياة ودمر الاقتصاد.

51 مليار دولار كلفة إسرائيل جراء الحرب

جاء في تقديرات مسربة من وزارة المالية الإسرائيلية، أن التكاليف المالية للحرب أعلى بكثير مما أظهرته الأرقام الأولية في بداية نوفمبر، حيث بلغت التكاليف اليومية للعمليات العسكرية نحو 260 مليون دولار، في ظل عزم الحكومة الإسرائيلية فرض تدابير أمنية على المدى الطويل.

ومن غير المرجح أن يخفف هذا العبء الإضافي المفروض على الخزانة الإسرائيلية، حتى وإن تم الاتفاق على وقف إطلاق النار.

بشكل عام، فقد قدرت وزارة المالية الإسرائيلية أن تصل التكاليف المباشرة وغير المباشرة للحرب إلى 51 مليار دولار أميركي خلال السنة المقبلة، ما يمثل 10 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي لإسرائيل، غير أن التقدير مبني على فرض عدم حدوث تصعيد إقليمي للصراع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى